السلطان محمود الأول ابن السلطان مصطفى الثاني
ولد عام 1108ه، وجلس سنة 1143 بالغا من العمر 35 سنة، وفي حكمه اعتمد على أحد الرجال المدعو بترونه خليل، وأحله محل ابن أخيه، فانقاد وراء أهواء النفس، وأخذ يولي ويعزل من المناصب من يريد، وانضم إليه حزب كبير من المفسدين، وطفقوا يفعلون المنكرات، ويرتكبون السيئات حتى أوغروا صدور العموم عليهم حقدا، فنهضوا وقتلوهم عن آخرهم، ثم ثار وجاق الأليكشارية واقتتلوا مع الأهالي دفعتين، فباد منهم ما ينوف عن 15 ألفا، وفي عام 1144 عين السلطان للصدارة العظمى عثمان باشا، فأخمد نار الفتن المستعرة في داخلية البلاد، وأصلح أهم الأحوال، وسار بقسم عظيم من الجنود لمحاربة العجم فكسرهم واستولى على مدن كرمنشاه وأرديلان وهمدان، ولما علم الشاه طهمسب بانخذال جنوده في ميادين القتال سار بذاته إلى حقول المعركة، وبعد قتال عنيف انتصرت عليه الجيوش العثمانية، واستولت على أعظم مدائن سلطنته حتى دخلت تبريز، وإذ ذاك طلب عقد الصلح من جلالة السلطان فلم يقبل، وبعد حين عزل عثمان باشا، وأقيم مكانه زاده علي باشا.
وفي تلك الأثناء حدث شغب في بلاد العجم انتهى بعزل الشاه طهمسب، وإقامة ولده الشاه عباس الثالث بدلا عنه، فعين نادر خان قائدا للجيوش، وأمره بمحاربة الدولة، فزحف بجيوشه على مدينة بغداد، ولما اقترب منها التقى بجنود الدولة فقاتلها على شاطئ نهر الفرات، وكافحها بعزم شديد، لكنه لم يظفر بها، وانتصر على جيوشه بعد أن أهلكت منهم عددا جسيما، وأصيب بجرح بليغ اضطره إلى الفرار، ثم استأنفت دولة العجم الحرب بغتة مع الدولة فانتصرت عليها.
وحدث في بحر تلك المدة أن توغلت عساكر الروس في بعض بلاد الدولة، واتحدوا مع عساكر النمسا فاستولوا على جزيرة القرم، ثم انفردت عساكر النمسا وسارت إلى بلاد السرب والأفلاق والبغدان، وحاربتهم ونهبت بلادهم بعد أن استولت على قلعة نيش، ولما اعتلم السلطان بذلك سير جيوشه إلى سواحل الطونه، ففرقت شمل جنود النمسا، واستردت منهم الأفلاق والبغدان وقلعة نيش، ثم تحولت لقتال الروس فهزمتهم عند نهر بروت، وحينئذ تداخلت فرنسا بأمر الصلح مع الروسية والنمسا والدولة العلية، بشرط أن تترك النمسا السرب والأفلاق وأرسوفا، وأن تهدم الروسية ما أقامته من الاستحكامات على سواحل بحر الأزاق. وعلى ذلك تمت المعاهدة سنة 1152. وفي سنة 1168، توفي السلطان ودفن في تربة أبيه السلطان مصطفى، فارتدت المملكة عليه أثواب الحداد؛ لأنه كان عادلا كريما عالي الهمة، رءوفا يحب المساواة بين سائر طبقات الناس.
السلطان الخامس والعشرون
السلطان عثمان خان الثالث ابن السلطان مصطفى الثاني
هو أخو السلطان محمود الأول، ولد عام 1110، وجلس سنة 1168 بالغا من العمر 58 سنة، ومن كونه قضى معظم حياته في السجن بالنظر لخلافة أخيه على سرير السلطنة، فكان يحب الوحدة والابتعاد عن المشاغل والاهتمام في إصلاح أمور الدولة، وقد سلم القزلر آغاسي زمام الحكم، فكان يعزل ويولي من يشاء من الوزراء وأصحاب المناصب، وقد جره طيشه إلى عزل الصدر الأعظم علي باشا وتعيين سعيد أفندي مكانه، وكان السلطان يخاف أن الشعب يعزله ويولي مكانه أحد أولاد السلطان أحمد الثالث وهم محمد وبايزيد وأورخان فأمر بقتلهم، وفي سنة 1169 حدثت حريقة عظيمة أتلفت عدة بنايات ونحو ثلثي سكان المدينة وقسما كبيرا من جامع أجيا صوفيا، وفي سنة 1171 توفي إلى رحمة ربه، ودفن في تربة أخيه السلطان محمود، رحمهما الله.
السلطان السادس والعشرون
السلطان مصطفى خان الثالث ابن السلطان أحمد الثالث
هو بكر السلطان أحمد الثالث. ولد سنة 1129، وجلس سنة 1171 بالغا من العمر 42 سنة، وريثما استقر في الملك أخذ في تنظيم الأحوال، وسن الشرائع، وتوطيد دعائم الأمن في داخلية البلاد بمعاضدة الصدر الأعظم راغب محمد باشا، الذي تقلد عدة مناصب؛ منها: ولاية مصر التي انتشلها من أيدي المماليك بعد أن أبادهم.
صفحة غير معروفة