180

تاريخ قضاة الأندلس (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا)

محقق

لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة

الناشر

دار الآفاق الجديدة - بيروت/لبنان

رقم الإصدار

الخامسة، 1403هـ -1983م

إليه بما فيه. وروى عن مالك مثله. قال الشيخ أبو الحسن بن خلف بن بطال: وحجتهم أنه لا يجوز أن يشهد الشاهد إلا بما يعلم، لقوله تعالى " وما شهدنا إلا بما علمنا ". وحجة من أجاز ذلك أن الحاكم، إذا أقر أنه كتابه، فقد أقر بما فيه، وليس الشاهدان على ما ثبت عند الحاكم فيه، وإنما الغرض منها أن يعلم القاضي المكتوب إليه أن هذا كتاب القاضي الكاتب له، وقد يثبت عند القاضي من أمور الناس ما لا يحبون أن يعلمه كل أحد، مثل الوصايا التي يتخوف الناس فيها، ويذكرون ما فرطوا فيه، ولهذا يجوز عند مالك أن يشهدوا على الوصية المختومة، وعلى الكتاب المدرج، ويقولوا للحاكم: نشهد على إقراره بما في هذا الكتاب. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم {يكتب إلى عماله، ولا يقرؤها على رسوله. وفيها الأحكام والسنن. واختلفوا كذلك إذا انكسر ختم الكتاب. فقال أبو حنيفة: وزجر لا يقبله الحكم. وقال أبو يوسف: يقبله، ويحكم به، إذا شهدت البينة؛ وهو قول الشافعي. واحتج الطحاوي لأبي يوسف؛ فقال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم} إلى الروم كتابا، وأراد أن يبعثه غير مختوم، حتى قيل: إنهم لا يقرؤون إلا أن يكون مختوما {فاتخذ الخاتم من أجل ذلك. فدل أن كتاب القاضي حجة. وإن لم يكن مختوما. وخاتمه أيضا حجة؛ والمنقول عن مالك أنه لا يجوز كتاب قاض إلى قاضي إلا بشاهدين أشهدهما بما فيه. قال ابن القاسم: وإن لم يكن فيه خاتمه، أو كان بطابع، فانكسر. وقال ابن الماجشون: وإذا شهد العدلان أن هذا كتاب القاضي، أمضاه. وقال أشهب: ليس قولهم وشهادتهم أن هذا كتاب قاض بشئ، حتى يشهدوا أنه أشهدهم. ولا يضر إن لم يختمه، إذ لو شهدوا أن هذا خاتمه، ولو شهدوا أن الكتاب كتابه إلى هذا القاضي، لم ينتفع بذلك، لأن الختم يستشعر، فلا يعرف، والكتاب يعرف بعينه. ومن كتاب القاضي أبي عبد الله بن الحاج: ضرب عمر بن الخطاب في التعزير معن بن زائدة مائة سوط حيث نقش على خاتمه، وأخذ منه مالا وحبسه. ثم كلم في أمره فقال: ذكرتني الطعن، وكنت ناسيا} فضرب مائة؛ ثم حبس. ولذلك والله أعلم! قال

صفحة ١٨٠