135

تاريخ قضاة الأندلس (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا)

محقق

لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة

الناشر

دار الآفاق الجديدة - بيروت/لبنان

رقم الإصدار

الخامسة، 1403هـ -1983م

معينا عليه، كاتبا بليغا ينشئ الرسائل المطولة في المعاني الشاردة، ذا حظ وافر من علم العربية واللغة والتأريخ. شرح رسالة محمد بن عمر بن خميس الحجري التي استفتح أولها بقوله: عجبا لها أيذوق طعم وصالها ... من ليس يأمل أن يمر ببالها وأنا الفقيد إلى تعلة ساعة ... منها وتمنعني زكاة جمالها إلى آخر الرسالة. من نظم ونثر، شرحا حسنا، أتى فيه بفنون العلم وضروب الأدب، بما دل على براعته. وكان جميل الأخلاق، جم المشاركة، مفيد المجالسة، مرددا لقول الأستاذ أبي إسماعيل الطغرائي في معرض النصيحة والتنبيه والتذكرة: لا تطمحن إلى المراتب قبل أن ... تتكامل الأدوات والأسباب إن الثمار تمر قبل بلوغها ... طمعا وهن إذا بلغن عذاب وتوفي صدر سنة 736، قبل هلاك سلطانه، ودخول أهل فاس إلى بلده بأشهر تغمدنا الله وإياه برحمته!

ذكر القاضي محمد بن علي الجزولي ابن الحاج

ومن القضاة بحضرة فاس، محمد بن علي بن عبد الزراق الجزولي، المعروف بابن الحاج؛ يكنى أبا عبد الله. وهو أحد أعلام المغرب تفننا في المعارف، وفضلا، وعقلا. وكان محافظا على الزتبة، مقيما للأبهة، جميل الهيئة، حمولا لمكاره السلطنة، صبورا على الرحلة، خطيبا بليغا مفلقا، كاتبا بارعا مرسلا، ريان من الأدب، سريع القلب، منقاد البديهة، مهما تناول القرطاس وكتب، أتى على الفور بعجب. رحل إلى المشرق، ولقي أعلامها. ودخل الأندلس، وأقام منها بمالقة زمانا، وروى عن أشياخها. وصحب بها الخطيب المدرس أبا عثمان بن عيسى الحميري. ثم عاد إلى وطنه؛ فتولى خطة القضاء بفاس. وتقلد أزمتها مع الخطابة مدة طويلة، إلى أن انتزعت منه، وأضعف قواه الهرم؛

صفحة ١٣٥