يمكن تفسير ذلك بداهة بحجم الكتاب المحدد، بالرغم من أن المؤلف لم يأل جهدا في إفساح صفحات كثيرة لأمور ذات طابع تفصيلي.
لم يعتمد المؤلف - فيما اعتمد - على المعلومات التسجيلية التي وردت في الكتاب المهم عن قراصنة حوض الكاريبي الذي ترجم، حسب اعتقادي، إلى كل اللغات الأوروبية، وأعيد طبعه مرارا وتكرارا عبر ثلاثمائة عام منذ صدوره للمرة الأولى، تحت هذا العنوان المميز لتلك الأزمنة «قراصنة أمريكا، القصص التفصيلية الصحيحة لكل عمليات النهب والشراسة الوحشية التي ارتكبها اللصوص الإنجليز والفرنسيون ضد سكان أمريكا من الإسبان» في ثلاثة فصول؛ يحكي الفصل الأول قصة وصول الفرنسيين إلى جزيرة إسبانيولا
16
وعن طبيعة هذه الجزيرة وسكانها ونمط معيشتهم، ويحكي الفصل الثاني عن ظهور القراصنة، وعن نظمهم وعلاقاتهم بعضهم ببعض، وعن مختلف الحملات التي قادوها ضد الإسبان. ويحكي الفصل الثالث قصة إحراق مدينة بنما على يد القراصنة الإنجليز والفرنسيين، وكذلك عن الحملات التي لم يشترك فيها المؤلف. وللكتاب ملحق عبارة عن وصف موجز للممتلكات الأمريكية للملك الإسباني كارل الثاني، وما تدره من عوائد وكذلك نظم إدارتها، بالإضافة إلى ذلك يقدم الكتاب وصفا موجزا لأهم الأماكن التي كانت تحت سلطة المسيحيين. كل هذا كتبه أ. أكسكفيميلن، الذي شاءت الأقدار أن يشترك في كل حملات القرصنة هذه، والكتاب مزود بالرسوم التوضيحية الرائعة والخرائط وصور الأشخاص، صدر في أمستردام، وطبع بمطبعة يان تين هورن عام 1678م.
على أن الاعتماد على هذا المرجع الفريد قد سقط من كتاب ماخوفسكي، إذ إن ما حواه قد ورد في العديد من البحوث التاريخية، أضف إلى هذا أن قراءنا يعرفونه، ففي عام 1968م تم نشره باللغة الروسية (ونجد بعض فقراته واردة في هذه الطبعة التي بين أيدينا). كما تمت ترجمة الرواية التي اعتمدت أيضا عليه وهي «قراصنة خليج المكسيك» لمؤلفها فينسنتي ريفا بلاسيو، المشهور باسم «والتر سكوت المكسيكي».
17
إن الموضوع الذي وقع عليه اختيار ياتسيك ماخوفسكي موضوع مترامي الأطراف، إلى الحد الذي يجعل من تسقط أي عيب به أمرا ميسورا، في الأمور الأساسية (لم يلق عرض الجذور الاجتماعية التاريخية للقرصنة الاهتمام الكافي)، وفي التفاصيل (في استخدامه لبعض الاصطلاحات وفي دقة التواريخ). على أنه من الممكن أن نغفر له الكثير؛ بفضل هذا الموضوع الشيق والجهد الفائق الذي بذله؛ ولأنه سعى لأن يقدم تاريخ القرصنة بأكمله مضمنا هذا التاريخ صفحات من الماضي تكاد تكون مجهولة، إلى جانب استكماله بأحداث من واقع حياتنا المعاصرة.
أ. ب. دافيدسون.
الفصل الأول
قراصنة العالم القديم
صفحة غير معروفة