35
ما أعظم همتك! تشخيص عميق ومختصر. هذا هو ما جعل أبا الأسود الدؤلي ذا الاعتقاد الإيجابي بكفايته العامة إلى أن يرسم أهدافا مثيرة للتحدي، ويبذل جهدا أكبر لتحقيقها.
لا تنفصل اعتقادات المرء العامة عن النموذج أو القدوة. ويبدو لي أن هذا الارتباط بينهما هو ما يفسر علاقة أبي الأسود الدؤلي بعلي بن أبي طالب، فالأول نموذج ومثال حي وواقعي للثاني. وهناك حكايات لهذا الارتباط الذي عبرنا عنه بالقدوة. أكتفي منها بما يشير إلى أي حد بلغ فيها تمسك أبي الأسود بنموذجه وقدوته. فقد روي أن فخذا من أفخاذ العرب من العرب يدعى «بني قشير»، هواهم مع عثمان بن عفان. كان أبو الأسود نازلا بينهم، وقد كانوا يرمونه بالليل؛ لأنه يحب عليا ويمدحه، ومع ذلك لم يفت هذا من عضده؛ بل إنه حاججهم حينما قالوا: ما نحن نرميك، ولكن الله يرميك، فقال: كذبتم والله، لو كان الله يرميني لما أخطأني.
36
إن المدهش في علاقة أبي الأسود بعلي أن المهتمين بقضية في جو فكري واحد قد يصلون إلى الأفكار ذاتها.
الطيف العقلي لمفهوم النحو
ما اسم هذا المبحث الذي يتشكل؟ يخصص النديم في كتاب الفهرست فصلا قصيرا عنوانه: «سبب يدل على أن أول من وضع في النحو كلاما أبو الأسود الدؤلي.»
37
أول ما نلاحظ في العنوان أن ما وضعه أبو الأسود هو «كلام في النحو»؛ أي إن مضمون ما عثر عليه في أربعة أوراق كالفاعل والمفعول
38
صفحة غير معروفة