تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
تصانيف
لما فكر قدماء المصريين في وضع تاريخ لأمتهم تتبعوا الحوادث إلى مصادرها، وجمعوا ما كان لديهم من التقاليد الموروثة بالتلقين أبا عن جد، واستطلعوا سير ملوكهم الأقدمين فوصلوا إلى الملك «منا» فإذا هو أول من حكم ونظم، ولما لم يعثروا على ما كانت عليه مصر قبله فرضوا ثلاث عائلات وهمية زعموا أنها تسلطت على مصر بالتوالي، وانتهت ببداية الدولة الملكية القديمة التي أول ملوكها «منا» ودعوا العائلة الأولى: عائلة المعبودات، ويقال لها: العائلة المقدسة، والثانية: دعوها الشبيهة بالمقدسة، والثالثة: الكهنة «الحورشسو» ويزعمون أنهم أجدادهم.
ونقتصر في ما يلي على خلاصة تاريخ مصر القديم، ونبدأ بالملك منا، ونجري في تبويبه على مقتضى التقسيم المتقدم ذكره، فنبدأ بالدور الجاهلي، فالمسيحي، ونقسم كلا منهما إلى عائلات كما ستراه.
الفصل الأول
الدور الجاهلي
(1) الدولة الملكية القديمة (1-1) العائلة الأولى الطينية (حكمت من سنة 5626-5373ق.ه/5004-4751ق.م وعدد ملوكها 9)
أول ملوكها الملك «منا» أو «مينس» - وهو أول من حكم مصر بعد الكهنة «الحورشسو» نشأ في طينة (بقرب العرابة المدفونة بجوار جرجا) والظاهر أنه كان من الكهنة فثار في خاطره أمر الاستقلال بالملك، فقاومه الكهنة، فتغلب عليهم، فترك وطنه وأسس مدينة «منف» (البدرشين وميت رهينة) وجعلها سرير ملكه، وأنشأ حولها جسرا يعرف الآن بجسر قشيشة، وحول مجرى النيل إلى شرقيها، وكان يجري لجهة صحراء ليبيا.
فعمرت منف وأخصبت فشاد فيها الهياكل والمعابد، وأقام تماثيل الآلهة. فإذا زرت خرائب سقارة وشاهدت تمثال رعمسيس الثاني ملقى في البركة الشرقية لميت رهينة اعلم أن بقرب ذلك التمثال كان باب الهيكل الذي بناه هذا الملك لمعبوده «فتاح» وما زالت منف مركز التمدن إلى عصر اليونان.
ومما يذكر عنه أنه فتح ليبيا فاتسعت مملكة مصر في أيامه، وكان رفيقا برعاياه على ما اعتادوه، ولم يسلب الكهنة شيئا من حقوقهم في قبائلهم.
على أنه لم ينج من إيقاعهم به فزعموا أنه أضر بالعبادة من حيث تقاعد الناس في أيامه إلى الزهد، وأحدثوا أنواع الترف، فكانوا يتناولون طعامهم وهم مضطجعون على أسرتهم.
وقام بعد «منا» أخوه «تتا» فأسس القصر الملوكي في منف، وكان عالما بالطب، ولا سيما التشريح فكتب فيه رسالة جددت كتابتها في عهد رعمسيس الثاني.
صفحة غير معروفة