تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
تصانيف
مبديا بالتيه ما قد ملكا
فبلغت الآمر فقال: «لولا أنه أساء الأدب في البيت الرابع لرددتها إلى حيه، وزوجتها به.»
وفي أواخر سنة 511ه خرج بردويل ملك الصليبيين من بيت المقدس؛ لافتتاح مصر بجيش غفير فوصل الفرما فاستولى عليها، وذبح أهلها، وأحرق جوامعها، وهم بمصر فداهمه مرض حمله على العود حالا، فعاد إلى بيت المقدس فمات قبل أن يدرك العريش فنزعوا أحشاءه، ودفنوها في مكان لا يبعد كثيرا من العريش في أرض رملية، وأقاموا على قبره حجرا كبيرا، ولايزال ذلك المكان معروفا إلى أيامنا باسم رمال بردويل. أما جثته فحملوها إلى بيت المقدس.
وبموت بردويل نجت مصر من فتح عظيم، وبقي الصليبيون سبع سنوات أخرى لا يستطيعون مناهضة مصر؛ لاشتغالهم بهجمات المسلمين من شرقي سوريا. ففي سنة 518ه أتى الصليبيون صور وأخذوها صلحا، وأذنوا للمسلمين أن يخرجوا منها بكل ما يستطيعون حمله، وكانت صور إذ ذاك تابعة لمصر فخاف خليفتها من تقدم الصليبيين إلى مصر نفسها، وكانوا قد كفوا عن الفتوح فنبههم إليه الأرتقيون، وعماد الدين زنكي في شرقي سوريا والعراق.
وفي أثناء ذلك نشأت طائفة الباطنيين، ويدعوهم بعض المؤرخين بالحشاشين؛ لأنهم كانوا يكثرون من تدخين الحشيش، وهم فئة جمع بينهم التعصب والطمع، وكان رئيسهم يترصد فرصة للغزو والنهب، فلما رأى الدول القوية مشغولة بالحرب في أنحاء المشرق، وضع يده على بعض القرى الجبلية بجوار دمشق، ثم جعل يناهض الصليبيين فيحاربهم تارة، ويصالحهم أخرى، إلى أن انتهى الأمر فأقام حكومته بين ظهرانيهم، وابتنى حصونا منيعة أرهبت الولاة المسيحيين وخلفاء الإسلام، فأجبرهم على دفع الجزية وقاية من فتكه بحياتهم، فإنه كان متفننا في القتل بطرق سرية على يد بعض رجاله الدهاة.
وفي سنة 524ه سعى أمير الباطنين في قتل الآمر بأحكام الله فأنفذ إليه بعض دهاته فقتلوه في 2 ذي القعدة من السنة المذكورة، وهو في طريقه إلى زيارة معشوقته البدوية، وسنه 35 سنة، وحكمه 30 سنة تقريبا.
وترى في شكل
9-10
صورة نقود الآمر بأحكام الله ضربت بالإسكندرية سنة 512ه (انظر شكل
9-10 ).
صفحة غير معروفة