حدآث سنهآ ست عشرة من اليي
احرة
وفي هذه السنة كان فتح تكريت والموصل؛ وسبب ذلك (1)
ان الأنطاق سار من الموصل إلى تكريت ، وخندق عليه ليحمى أرضه ، ومعه الروم ولباد وتغلب والنمر والشهارجة، فبلغ ذلك سعدا؛ فكتب إلى عمر، فكتب إليه عمر أن سرح إليه عبد الله بن المعتم، واستعمل على مقدمته ربعى بن الأفكل ، وعلى ميمنته الحارث بن حسان الذهلى، وعلى ميسرته فرات بن حبان العجلى، وعلى ساقته هاني بن قيس، وعلى الخيل عرفجة بن هرثمة . فسار عبد الله إلى تكريت ونزل على الانطاق، فحصره ومن معه أريعين يوما، فتزاحفوا أربعة وعشرين زحفا، وكانوا أهون شوكة وأسرع مرا من أهل جلولاء، وأرسل عبد الله بن المعتم إلى العرب الذين مع الأنطاق يدعوهم إلى نصرته على الروم، وكانوا لا يخفون عليه شينآ ، ولما رأت الروم المسلمين ظاهرين عليهم تركوا أمراءهم ونقلوا متاعهم إلى السفن، فأرسلت تغلب وإياد والنمر إلى عبد الله بالخبر، وسألوه الأمان، وأعلموه أنهم معه، فأرسل إليهم : إن كنتم صادقين بذلك فأسلموا، فأجابوه وأسلموا، فأرسل إليهم علة باللير: إذا سمعتم تكبيرنا فاعلموا أنا أخذنا ابواب الخندق، فخذوا الأبواب التى تللى معطة وكمرارا واقتلوا من قدرتم عليه ، ونهض عبد الله والمسلمون، وكبروا وكبرت تغلب وبيلدوالمر، وأخذوا الأبواب؛ فظن الروم أن المسلمين قد أتوهم من خلفهم مما يا تره ككليدرفة صدملهالأبواب التى عليها الملمون، فاخذتهم سيوف المسلمين وسيوف الربعيين الذين أسلموا تلك الليلة، فلم يفلت من أهل الخندق إلا من أسلم من تغلب وإياد والنمر.
~~وأرسل عبد الله بن المعتم ربعى بن الأفكل إلى الحصنين وهما نينوى والموصل : تسمى نينوى الحصن الشرقى، وتسمى الموصل الحصن الغربى، وقال : اسبق الخبر وسر ما دون القيل وأحيي الليل . وسرح معه تغلب وإياد والنمر، فقدمهم ابن الأفكل إلى الحصنين، فسبقوا الخبر وأظهروا الظفر والغنيمة وبشروهم، ووقفوا بالأبواب، وأقبل ابن الأفكل فاقتحم عليهم الحصنين وكلبوا أبوابهما، فنادوا بالإجابة إلى الصلح، وصاروا ذمة، وقسموا الغنيمة، فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف درهم، وسهم الراجل ألف درهم، وبعثوا بالأخماس مع فرات بن حيان، وبالفتح مع الحارث بن حسان إلى عمر، وولى حرب الموصل ربعى بن الأفكل، والخراج عرفجة بن هرئمة، وقيل : إن عمر بن الخطاب استعمل عتبة بن فرقد على قصد الموصل وفتحها سنة عشرين ، فأتاها فقاتله أهل نينوى فأخذ حصنها - وهو الشرقى - عنوة، وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الغربى - وهو ----
----
صفحة ٤٥
الموصل - على الجزية، ثم فتح المرج وبانهذرا وباعنرا وحبتون وداس وجميع معاقل الاكراد وقردى وبازبدى، وجميع أعمال الموصل ، فصارت للمسلمين .
~~وقيل : إن عياض بن غنم لما فتح بلدا أتى الموصل ففتح أحد الحصنين، وبعث عتبة بن فرقد إلى الحصن الآخر، ففتحه على الجزية والخراج، والله أعلم(11 وفيها كان فتح بهرسير والمدائن وحلوان وماسبذان وقرقيسيا.
~~وحج بالناس فى هذه السنة عمر بن الخطاب، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت .
~~وكان على حرب الموصل ربعى بن الافكل، وعلى خراجها عرفجة بن هرثمة، وقيل: كان على الحرب والخراج بها عتبة بن فرقد.
~~لم دخلت سنة سبع عشرة وفى هذه السنة اختطت الكوفة، وتحول سعد إليها من المدائن.
~~الموصل ثغر من ثفور الكوفة: كانت ثغور الكوفة اربعة: حلوان ن نجليها القعقاع ، وماسبذان وعليها ضرار بن الخطاب، وقرقيسيا وعليها عمر بن مأللكربه أو نحهم]م و بن عتبة بن نوفل ، والموصل وعليها عبد الله بن المعتم. وكان بها خلفاؤلهمكلملخابوالعنها، فكان خليفة القعقاع على حلوان قباذ بن عبد الله، وخليفة عبد الله عليي للفو صل يمصلمانين عبد الله، وخليفة ضرار رافع بن عبد الله، وخليفة عمر عشنق بن عبد الله، وولى سعد الكوفة بعدما اختطت ثلاث سنين ونصفا، سوى ما كان بالمدائن قيلها(2).
~~وفيها فتحت الجزيرة وأرمينية؛ حيث ارسل سعد بن أبى وقاص العساكر إلى الجزيرة؛ فخرج عياض بن غنم ومن معه، فأرسل سهيل بن عدى إلى الرقة، وقد ارفض أهل الجزيرة عن حمص إلى كورهم حين سمعوا بأهل الكوفة، فنزل عليهم فأقام يحاصرهم حتى صالحوه، فبعثوا فى ذلك إلى عياض وهو فى منزل وسط بين الجزيرة، فقبل منهم وصالحهم وصاروا ذمة ، وخرج عبد الله بن عتبان على المرصل إلى نصيبين، فلقوه بالصلح وصنعوا كصنع أهل الرقة، فكتبوا إلى عياض؛ فقبل منهم وعقد لهم، وخرج الوليد بن عقبة فقدم على عرب الجزيرة فنهض معه مسلمهم وكافرهم إلا إياد بن نزار؛ فإنهم دخلوا أرض الروم ، فكتب الوليد بذلك إلى عمر ، ولما أخذوا الرقة ونصيبين ضم عاض إليه سهيلا وعبد الله وسار بالناس إلى حران، فلما وصل اجابه أهلها إلى الجزية ----
صفحة ٤٦
ففيل منهم.
~~لم إن عياضا سرح سهيلا وعبد الله إلى الرها فأجابوهما إلى الجزية ، وأجروا كل ما خذوه من الجزيرة عنوة مجرى الذمة، فكانت الجزيرة أسهل البلدان فتحا، ورجع سهيل وعبد الله إلى الكوفة، وكتب أبو عبيدة إلى عمر بعد انصرافه من الجابية، يسأله أن يضم إليه عياض بن غنم إذا أخذ خالدا إلى المدينة، فصرفه إليه ، فاستعمل حبيب بن مسلمة على عجم الجزيرة وحربها، والوليد بن عقبة على عربها.
~~فلما قدم كتاب الوليد على عمر بمن دخل الروم من العرب؛ كتب عمر إلى ملك الروم: بلغنى أن حيما من أحياء العرب ترك دارنا وأقى دارك، فوالله لتخرجنه إلينا، أو لتنخرجن النصارى إليك! فاخرجهم ملك الروم، فخرج منهم أربعة آلاف، وتفرق بقيتهم قيما يلى الشام والجزيرة من بلاد الروم ، فكل إيادى فى ارض العرب من أولنك الأربعة آلاف، وأبى الوليد بن عقبة أن يقبل من تغلب إلا الإسلام، فكتب فيهم إلى عمر، فكتب إليه عمر: إنما ذلك بجزيرة العرب ، لا يقبل منهم فيها إلا الإسلام، فدغهم على ألا ينصروا وليدا، ولا يمنعوا أحدا منهم من الإسلام.
~~وكان في تغلب عز وامتناع ولا يزالون ينازعون الوليد، فهم بهم الوليد؛ فخاف عمر أن يسطو عليهم؛ فعزله وأمر عليهم فرات بن حيان وهند بن عمرو الجملى، وقال ابن إسحاق: إن فتح الجزيرة كان سنة تسع عشرة، وقال : إن عمر كتب إلى سعد بن أبى وقاص : إذا فتح الله على المسلمين الشام والعراق فابعث جندا إلى الجزيرة، وأقر عليه خالد بن عرفطة أو هاشم بن عتبة أو عياض بن غنم . قال سعد : ما أخر أمير المؤمنين عياضا إلا لان له فيه هوى أن أوليه وأنا موليه ، فبعثه وبعث معه جيشا فيه أبو موسى الأشعرى، وابنه عمر بن سعد وهو غلام حدث ليس له من الأمر شىء، فسار عياض ونزل بجنده على الرها، فصالحه أهله مصالحة حران، وبعث أبا موسى إلى نصيبين فافتتحها، وسار عياض بنفسه إلى دارا فافتتحها، ووجه عشمان بن أبى العاص إلى أرمينية الرابعة، فقاتل أهلها، فاستشهد صفوان بن المعطل، وصالح اهلها عثمان على الجزية على كل أهل بيت دينار، ثم كان فتح قيسارية من فلسطين، وهرب هرقل .
~~فعلى هذا القول تكون الجزيرة من فتوح أهل العراق ، والأكثر على أنها من فتوح أهل الشام؛ فإن أبا عبيدة سير عياض بن غنم إلى الجزيرة .
~~وقيل : إن أبا عبيدة لما توفى استخلف عياضا ، فورد عليه كتاب عمر بولايته حمص وقنسرين والجزيرة، فسار إلى الجزيرة سنة ثماتى عشرة للنصف من شعبان فى خمسة ----
صفحة ٤٧
الاف، وعلى ميمتته سعيد بن عامر بن حذيم الجمحى، وعلى ميسرته صفوان بن المعطل، وعلى مقدمته هبيرة بن مسروق ، فانتهت طليعة عياض إلى الرقة ، فأغاروا على الفلاحين، وحصروا المدينة، وبث عياض السرايا فأتوه بالاسرى والأطعمة، وكان حصرها ستة أيام؛ فطلب أملها الصلح، فصالحهم على أنفسهم وذراريهم وأموالهم ومدينتهم، وقال عياض : الأرض لنا، قد وطيتاها وملكناها، فأقرها في أيديهم على الخراج، ووضع الجزية ثم سار إلى حران، فجعل عليها عسكرا يحصرها عليهم صفوان ابن المعطل وحبيب بن مسلمة، وسار هو إلى الرها فقاتله أهلها ثم انهزموا، وحصرهم المسلمون فى مدينتهم ، فطلب أهلها الصلح، فصالحهم وعاد إلى حران، فوجد صفوان وحبيبا قد غلبا على حصون وقرى من أعمال حران، فصالحه أهلها على مثل صلح الرها، وكان عياض يغزو ويعود إلى الرها، وفتح سميساط ، وأتى سروج ورأس كيفا والأرض البيضاء، فصالحه أهلها على صلح الرها.
~~ثم إن أهل سميساط غدروا فرجع إليهم عياض فحاصرهم حتى فتحها، ثم أتى قريات على الفرات - وهى جسر منبج وما يليها - ففتحها ، وسار إلى رأس عين - وهى عين الوردة - فامتنعت عليه وتركها ، وسار إلى تل موزن ففتحها على صلح الرها سنة تسع عشرة، وسار إلى آمد فحصرها، فقاتله أملها ثم صالحوه على صلح الرها، وفتح ميافارقين على مثل ذلك، وكفرتوثا فسار إلى نصيبين فقاتله أهلها، ثم صالحوه على مثل صلح الرها، وفتح طور عبدين وحصن ماردين، وقصد الموصل، ففتح أحد الحصنين ، وقيل : لم يصل إليها، وأتاه بطريق الزوزان، فصالحه، ثم سار إلى أرزن ففتحها، ودخل الدرب فأجازه إلى بدليس، وبلغ خلاط فصالحه بطريقها، وانتهى إلى العين الحامضة من رمينية، ثم عاد إلى الرقة ومضى إلى حمص فمات سنة عشرين.
~~واستعمل عمر سعيد بن عامر بن حذيم، فلم يلبث إلا قليلا حتى مات؛ فاستعمل عمير بن سعد الأنصارى، ففتح رأس عين بعد قتال شديد، وقيل : إن عياضا أرسل عمير بن سعد إلى رأس عين، ففتحها بعد ان اشتد قتاله عليها، وقيل : إن عمر أرسل أبا موسى الاشعرى إلى رأس عين بعد وفاة عياض ، وقيل : إن خالد بن الوليد حضر فتح الجزيرة مع عياض، ودخل حماما بآمد فأطلى بشىء فيه خمر؛ فعزله عمر. وقيل: إن خالدا لم يسر تحت لواء أحد غير أبى عبيدة، والله أعلم.
~~ولما فتح عياض سميساط ، بعث حبيب بن مسلمة إلى ملطية، ففتحها عنوة، ثم نقض أملها الصلح، فلما ولى معاوية الشام والجزيرة وجه إليها حبيب بن مسلمة أيضا؛ ففتحها ----
صفحة ٤٨
عنوة، ورتب فيها جندا من المسلمين مع عاملها(1).
~~وفيها عزل خالد بن الوليد عما كان عليه من التقدم على الجيوش والسرايا.
~~وفيها اعتمر عمر بن الخطاب، وبنى المسجد الحرام ووسع فيه ، وأقام بمكة عشرين ليلة، وهدم على قوم أبوا أن يبيعوا، ووضع أثمان دورهم فى بيت المال حتى أخذوها، وكانت عمرته في رجب، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت، وأمر بتجديد أنصاب الحرم.
~~وفيها عزل عمر المغيرة بن شعبة عن البصرة، واستعمل عليها أبا موسى الأشعرى .
~~وفيها فتحت الأهواز ومناذر ونهر تيرى وثستر ورامهرمز والسوس.
~~وفيها اذن عمر للمسلمين فى الانسياح فى بلاد فارس، وانتهى فى ذلك إلى رأي الأحنف بن قيس ، فأمر أبا موسى أن يسير من البصرة إلى منقطع ذمة البصرة ، فيكون هناك حتى ياتيه أمره وبعث بألوية من ولى مع سهيل بن عدى، فدفع لواء خراسان إلى الاحنف ابن قيس، ولواء أردشير خره وسابور إلى مجاشع بن مسعود السلمى، ولواء إصطخر إلى عثمان بن أبى العاص الثقفى، ولواء فسا ودارا بجرد إلى سارية بن زنيم الكناني، ولواء كرمان إلى سهيل بن عدى، ولواء سجستان إلى عاصم بن عمرو - وكان من الصحابة - ولواء مكران إلى الحكم بن عمير التغلبى، فخرجوا ولم يتهيأ مسيرهم إلى سنة ثمانى عشرة، وأمدهم عمر بنفر من أهل الكوفة، فأمد سهيل بن عدى بعبد الله بن عتبان، وأمد لأحنف بعلقمة بن النضر، وبعبد الله بن أبى عقيل، وبربعى بن عامر، وأمد عاصم بن عمرو بعبد الله بن عمير الأشجعى، وأمد الحكم بن عمير بشهاب بن المخارق فى جموع’2 وفيها حمى عمر الربذة لخيل المسلمين.
~~وفيها اتخذ عمر دار الدقيق، فجعل فيها الدقيق والسويق والتمر والزيت وما يحتاج إليه المنقطع والضيف الذين ينزلون بعمر ، ووضع عمر فى طريق السبيل ما بين مكة والمدينة ما يصلح لمن ينقطع به ، ويحمل من ماء إلى ماء (3) وكان على مكة هذه السنة عتاب بن أسيد فى قول، وعلى اليمن يعلى بن منية، وعلى اليمامة والبحرين عثمان بن أبى العاص، وعلى عمان حذيفة بن محصن، وعلى الشام من ----
صفحة ٤٩
كر قبل، وعلى الكوفة وأرضها سعد بن أبى وقاص، وعلى قضائها أبو قرة ، وعلى البصرة وارضها أبو موسى، وعلى القضاء أبو مريم الحنفى، وقد ذكر من كان على الجزيرة والموصل قبل .
~~وحج بالناس فى هذه السنة عمر بن الخطاب110.
~~ودخلت سنة ثمانى عشرة وفيها أصاب الناس مجاعة شديدة وجدب وقحط ، وسمى هذا العام عام الرمادة؛ لأن لريح كانت تسقى ترابآ كالرماد.
~~وفيها كان طاعون عمواس بالشام ، مات فيه أبو عبيدة بن الجراح وهو أمير الناس ، ومعاذ بن جبل ، ويزيد بن أبى سفيان، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وعتبة بن سهيل، وعامر بن غيلان الثقفى، مات وأبوه حى، وتفانى الناس منه(2).
~~وفيها حول عمر المقام إلى موضعه اليوم، وكان ملصقا بالبيت .
~~وفيها استقضى عمر شريح بن الحارث الكندى على الكوفة ، وعلى البصرة كعب بن سور الازدى.
~~وحج بالناس هذه السنة عمر بن الخطاب .
~~لم دخلت سنة تسع عشرة وفى هذه السنة سالت حرة ليلى - وهى قريب المدينة - نارا؛ فأمر عمر بالصدقة ، فتصدق الناس؛ فانطفأت.
~~وحج بالناس في هذه السنة عمر بن الخطاب .
~~وتوفى في هذه السنة : الاغلب بن جشم بن سعد بن عجل بن جشم، وصفوان بن المعطل بن رخيصة أبو عمرو الذكوانى السلمى، وطليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن جحوان، وعمرو بن معدى كرب بن عبيد الله بن عمرو بن عصم بن عمرو بن زبيد أبو ثور الزبيدى، وعياش بن أبى ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، والنعمان بن عمرو بن مقرن بن عائذ بن عمرو’’ ثم دخلت سنة عشرين وفيها فمتحت مصر - فى قول بعضهم - على يد عمرو بن العاص والإسكندرية كذلك .
----
صفحة ٥٠
وقيل : فتحت الإسكندرية سنة خمس وعشرين. وقيل: بل فتحت مصر سنة ست عشرة في ربيع الاول .
~~وفيها غزا أبو بحرية عبد الله بن قيس أرض الروم، وهو أول من دخلها فيما قيل.
~~وقيل: أول من دخلها ميسرة بن مسروق العبسى فسبى وغنم.
~~وفيها عزل عمر قدامة بن مظعون من البحرين ، وحده فى شرب الخمر ، واستعمل أبا بكرة على البحرين واليمامة .
~~وفيها تزوج عمر فاطمة بنت الوليد أم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
~~وفيها عزل عمر سعد بن أبى وقاص عن الكوفة ؛ لشكايتهم إياه، وقالوا: لا يحسن يصلى.
~~وفيها قسم عمر خيبر بين المسلمين وأجلى اليهود عنها، وقسم وادى القرى.
~~وقيها أجلى يهود نجران إلى الكوفة.
~~وفيها بعث عمر علقمة بن مجزز المدلجى إلى الحبشة، وكانت تطرقت بلاد الإسلام فأصيب المسلمون، فجعل عمر على نفسه ألا يحمل فى البحر أحدا أبدا - يعنى للغزو - رقيل: إنما كان ذلك سنة إحدى وثلاثين00.
~~وحج بالناس هذه السنة عمر بن الخطاب .
~~وتوفى في هذه السنة من الأعيان : أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس، وبلال بن رباح مولى أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وخويلد بن مرة أبو خراش الهذلى، وزينب بنت جحش، وسعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان، وعياض بن غنم بن زهير لفهرى، ومالك بن التيهان أبو الهيثم، وهرقل ملك الروم، وأم ورقة بنت الحارث (0 .
~~م دخلت سنة إحدى وعشرين وفيها كانت وقعة نهاوند، وقيل : كانت سنة ثمانى عشرة، وقيل : سنة تسع عشرة .
~~وفيها كان فتح الدينور والصيمرة على يد أبى موسى الأشعرى.
~~وفيها فتحت أصبهان على يد عبد الله بن عبد الله بن عتبان، وأبى موسى الاشعرى.
~~وفيها ولى عمر عمار بن ياسر على الكوفة، وابن مسعود على بيت المال، فشكا أهل الك فة عمارا فاستعفى عمار عمر بن الخطاب، فولى عمر جبير بن مطعم الكوفة، وقال له : لا تذكره لاحد، فسمع المغيرة بن شعبة أن عمر خلا بجبير، فارسل امرأته إلى امرأة ----
صفحة ٥١
جبير بن مطعم لتعرض عليها طعام السفر، ففعلت، فقالت : نعم ما حييتنى به ، فلما علم المغيرة جاء إلى عمر فقال له: بارك الله لك فيمن وليت، وأخبره الخبر، فعزله وولى لمغيرة بن شعبة الكوفة، فلم يزل عليها حتى مات عمر.
~~وقيل : إن عمارا عزل سنة اثنتين وعشرين وولى بعده أبو موسى وكان الأمراء فى هذه السنة : عمير بن سعد على دمشق وحوران وحمص وقنسرين رالجزيرة، ومعاوية على البلقام والأردن وقلسطين والسواحل وأنطاكية وقلقية ومعرة مصرين.
~~وحج بالناس عمر بن الخطاب، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت، وكان عامله على مكة والطائف واليمن واليمامة ومصر والبصرة من كان قبل ذلك ، وكان على الكوفة عمار بن ياسر، وشريح على القضاء.
~~وفيها بعث عثمان بن أبى العاص بعثا إلى ساحل فارس، فحاربوهم ومعهم الجارود العبدى، فقتل الجارود بغقبة تعرف بعقبة الجارود، وقيل : بل قتل بنهاوند مع النعمان (2).
~~وتوفى في هذه السنة من الأعيان : جعال بن سراقة الضمرى، وحممة، وخالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو سليمان رضى الله عنه ، وعمير بن سعد بن عبيد بن النعمان بن قيس، وعويم بن الحارث بن زيد بن حارثة بن الجد بن مجلان(3) لم دخلت سنة اثنتين وعشرين وفيها غزا معاوية الصائفة ، ودخل بلاد الروم فى عشرة آلاف من المسلمين .
~~ومن الحوادث فى هذه السنة : أن عمر - رضى الله عنه - كتب إلى نعمى بن مقرن أن سڑ حتي تأتي همدان، وابعث على مقدمتك سويد بن مقرن، وعلى مجنبتك ربعي بن عامر ومهلهل بن زيد الطائى؛ فخرج حتى نزل ثنية العسل ، وسميت ثنية العسل ؛ لأجل العسل الذى أصابوا فيها عند وقعة نهاوند ، ثم انحدر نعيم من الثنية حتى نزل على مدينة همدان، وقد تحصنوا فيها فحاصرهم واستولى على بلاد همدان كلها، فلما رأى ذلك أهل همدان سالوه الصلح فأجابهم وقبل منهم الجزية، وقال ربيعة بن عثمان : كان فتح همدان فى جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من مقتل عمر، وجيوشه عليها.
----
صفحة ٥٢
وفيها فتح الرى، قالوا: وخرج نعيم بن مقرن إلى الرى ، فبعث من دخل عليهم من حيث لا يشعرون، ثم قاتلهم وأخرب مدينتهم، قال الواقدى : إنما فتح همدان والرى فى سنة ثلاث وعشرين.
~~وفيها فتح قومس وكتب عمر إلى نعيم أن قدم سويد بن مقرن إلى قومس ، فذهب وأخذها سلما، وكتب لهم كتاب أمان.
~~وفيها أن عمر أمر عبد الرحمن بن ربيعة أن يغزو الترك فقصدهم، فحال الله بينهم وبين الخروج عليه، وقالوا: ما اجترأ علينا هذا الرجل إلا ومعهم الملائكة، تمنعهم من الموت!! فتحصنوا وهربوا، فرجع بالغنم والظفر فى إمارة عمر ، ثم غزاهم غزوات في زمن عثمان، حتى قتل في بعض مغازيه إياهم فهم يستسقون بجسده.
~~وفى هذه السنة حج عمر بن الخطاب بالناس .
~~وفيها ولد يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان، وقيل : إنما ولد يزيد فى سنة حمس رعشرين .
~~وفى هذه السنة خرج الأحنف بن قيس إلى خراسان، فحارب يزدجرد، وبعضهم يقول : كان ذلك فى سنة ثمانى عشرة(1).
~~وفيها عزل عمر بن الخطاب عمار بن ياسر عن الكوفة، واستعمل أبا موسى الاشعرى، وكان عمال عمر على الأمصار عماله في السنة قبلها إلا الكوفة؛ فإن عامله عليها كان المغيرة بن شعبة، وإلا البصرة؛ فإن عامله عليها صار أبا موسى الأشعرى.
~~ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وفيها كان فتح إصطخر وتوج.
~~وفى هذه السنة كان فتح كرمان، وغنم المسلمون منها ما شاءوا من الشاة والبعير .
~~وفيها فتحت سجستان، وصالح أهلها المسلمين.
~~وفيها فتحت مكران وبيروذ.
~~وفيها غزا معاوية أرض الروم حتى بلغ عمورية ، وكان فى ذلك أبو أيوب الأنصارى وعبادة بن الصامت وأبو ذر وشداد بن أوس.
~~وفى هذه السنة فتح معاوية عسقلان على صلح.
~~وفى هذه السنة حج عمر بأزواج رسول الله ، وهى آخر حجة حجها بالتاس (2).
----
صفحة ٥٣
وفيها كان عامل عمر على مكة نافع بن عبد الله الخزاعى - وقيل : ابن عبد الحارث، وهو الاصح - وعلى الطائف سفيان بن عبد الله الثقفى، وعلى صنعاء يعلى بن أمية ، وعلى حمص عمير بن سعد، وعلى الكوفة المغيرة بن شعبة، وعلى البصرة أبو موسى، وعلى مصر عمرو بن العاص، وعلى دمشق معاوية بن أبى سفيان، وعلى البحرين وما حولها عثمان (1) وفيها قتل الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه!.
~~قال المسور بن مخرمة: خرج عمر بن الخطاب يطوف يوما فى السوق، فلقيه أبو لؤلؤة تغلام المغيرة بن شعبة - وكان نصرانيا - فقال : يا أمير المؤمنين ، أعدنى على المغيرة بن شعبة؛ فإن علي خراجا كثيرا! قال : وكم خراجك؟ قال : درهمان كل يوم، قال : وأيش صناعتك؟ قال: نجار، نقاش، حدادا قال: فما أرى خراجك كثيرا على ما تصنع من الأعمال؛ قد بلغنى أنك تقول: لو أردت أن أصنع رحى تطحن بالريح لفعلت؟ قال : نعم، قال : فاعمل لى رحى، قال: لئن سلمت لأعملن لك رحى يتحدث بها من بالمشرق والمغرب! ثم انصرف عنه فقال عمر : لقد أوعدنى العبد الآن! ثم انصرف العبد إلى منزله ، فلما كان الغد جاهه كعب الاحبار، فقال له : يا أمير المومنين، اعهد؛ فإنك ميت لى ثلاث ليال! قال : وما يدريك؟! قال : أجده فى كتاب التوراة، قال عمر : آلله؛ إنك لتجد عمر بن الخطاب فى التوراة؟! قال : اللهم لا، ولكنى أجد حليتك وصفتك، وأتك قد فنى أجلك، قال : وعمر لا يحس وجعا، فلما كان الغد جاءه كعب فقال : بقى يومان، قلما كان الغد جاءه كعب فقال : مضى يومان وبقى يوم، فلما أصبح خرج عمر إلى الصلاة - وكان يوكل بالصفوف رجالا، فإذا استوت كبر - ودخل أبو لؤلؤة في الناس وبيده خنجر له رأسان، نصابه في وسطه، فضرب عمز ست ضربات إحداهن تحت سرته، وهي التي قتلته، وقتل معه كليب بن أبى البكير الليثى وكان خلفه، وقتل جماعة غيره ، فلما وجد عمر حر السلاح سقط، وأمر عبد الرحمن بن عوف فصلى بالناس وعمر طريح، فاحتمل، فأدخل بيته، ودعا عبد الرحمن فقال له : إنى اريد أن اعهد اليك، قال : أتشير على بذلك؟
~~قال : اللهم لا، قال : والله، لا أدخل فيه أبدا: قال : فهبنى صمتا؛ حتى أعهد إلى النفر الذين توفى رسول الله وهو عنهم راض ، ثم دعا عليا وعثمان والزبير وسعدا، فقال : انتظروا أخاكم طلحة ثلاثا، فإن جاء وإلا فاقضوا أمركم، أنشدك الله يا على ، إن وليت من أمور الناس شينا ألا تحمل بنى هاشم على رقاب الناس، أنشدك الله يا عثمان إن وليت ----
صفحة ٥٤
من أمور الناس ألا تحمل بنى أبى معيط على رقاب الناس ، أنشدك الله يا سعد إن وليت من أمور الناس شيئا ألا تحمل أقاربك على رقاب الناس، قوموا فتشاوروا، ثم اقضوا.
~~أمركم ، وليصل بالناس صهيب .
~~ثم دعا أبا طلحة الأنصارى فقال : قم على بابهم، قلا تدع أحدا يدخل إليهم، وأوصى الخليفة من بعدى بالأنصار الذين تبوهوا الدار والإيمان أن يحسن إلى محسنهم، ويعفو عن مسييهم، وأوصى الخليفة بالعرب؛ فإنهم مادة الإسلام أن يؤخذ من صدقاتهم حقها، فتوضع فى فقرائهم، وأوصى الخليفة بذمة رسول الله ان يوفى لهم بعهدهم .
~~اللهم هل بلغت! لقد تركت الخليفة من بعدى على أنقى من الراحة . يا عبد الله بن عمر، اخرج فانظر من قتلنى، قال : يا أمير المؤمنين ، قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، قال : الحمد لله الذى لم يجعل منيتى بيد رجل سجد لله سجدة واحدة1 يا عبد الله اين عمر، اذهب إلى عائشة، فسلها أن تأذن لى أن أدفن مع النبى وأبى بكر ، يا عبد لله، إن اختلف القوم فكن مع الأكثر، فإن تشاوروا فكن مع الحزب الذى فيه عبد الرحمن بن عوف، يا عبد الله ائذن للناس، فجعل يدخل عليه المهاجرون والأنصار، فيسلمون عليه ويقول لهم : أهذا عن ملأ منكم؟ فيقولون : معاذ الله، قال : ودخل كعب الأحبار مع الناس، فلما رآه عمر قال :
توعدنى كعب ثلاثا أعدها
ولا شك أن القول ما قال لى كعب
وما بى حذار الموت إنى لميت
ولكن حذار الذنب يتبعه الذنبا
ودخل عليه على يعوده، فقعد عند رأسه، وجاء ابن عباس فأثنى عليه، فقال له عمر : أنت لى بهذا يا ابن عباس؟ فأومأ إلى على أن قل : نعم، فقال ابن عباس : نعم، فقال عمر : لا تغرنى، أنت وأصحابك، ثم قال : يا عبد الله، خذ رأسى عن الوسادة، فضعه فى التراب؛ لعل الله - جل ذكره - ينظر إلى فيرحمنى ، والله لو أن لى ما طلعت عليه اللشمس لافتديت به من هول المطلع ، وذعىى له طبيب من بنى الحارث بن كعب، فيقاه لبيذا، فخرج غير متغير، فسقاه لبنا، فخرج كذلك أيضا، فقال له : اعهد يا أمير المؤمنين قال : قد فرغت، ولما احتضر ورأسه فى حجر ولده عبد الله قال :
ظلوم لنفسى غير أنى مسلم
أصلى الصلاة كلها وأصوم
ولم يزل يذكر الله تعالى ، ويديم الشهادة إلى أن توفى ليلة الأربعاء لثلاث بقين من ذى لحجة، سنة ثلاث وعشرين.
~~وقيل : طعن يوم الأربعاء لأربع بقين من ذى الحجة ودفن يوم الأحد هلال محرم سنة ----
صفحة ٥٥
ربع وعشرين.
~~وكانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام، وبويع عثمان لثلاث مضين من المحرم ، وقيل: كانت وفاته لأربع بقين من ذى الحجة، وبويع عثمان لليلة بقيت من ذى الحجة، واستقبل بخلافته هلال محرم سنة أربع وعشرين، وكانت خلافة عمر على هذا القول عشر سنين وستة أشهر واربعة ايام ، وصلى عليه صهيب ، وحمل إلى بيت عانشة ، ودفن عند النبى وأبى بكر ، ونزل فى قبره عثمان وعل والزبير وعبد الرحمن بن عوف نوسعد وعبد الله بن عمر وكان العامل فى هذه السنة على مكة نافع بن عبد الحارث الخزاعى ، وعلى الطائف سفيان بن عبد الله الثقفى، وعلى صنعاء يعلى بن منية، وعلى الجند عبد الله بن أبى ربيعة، وعلى الكوفة المغيرة بن شعبة، وعلى اليصرة أبو موسى الأشعرى، وعلى مصر عمرو بن العاص، وعلى حمص عمير بن سعد، وعلى دمشق معاوية، وعلى البحرين وما والاها عثمان بن أبى العاص الثقفى.
~~وفيها غزا معاوية الصائفة حتى بلغ عمورية ، ومعه من أصحاب رسول الله عبادة بن الصامت، وأبو أيوب الأنصارى، وأبو ذر وشداد بن أوس .
~~وفيها فتح معاوية عسقلان على صلح، وكان على قضاء الكوفة شريح ، وعلى قضاء البصرة كعب بن سور، وقيل: إن أبا بكر وعمر لم يكن لهما قاض لم دخلت سنة أربع وعشرين وفى المحرم منها لثلاث مضين منه بويع عثمان بن عفان بالخلافة .
~~وكان هذا العام يسمى عام الرعاف؛ لكثرته فيه بالناس ، واجتمع اهل الشورى عليه وقد دخل وقت العصر، فأذن مؤذن صهيب، واجتمعوا بين الأذان والإقامة، فخرج فصلى بالناس وزادهم مائة مائة، ووفد أهل الأمصار، وهو أول من صنع ذلك، وقصد المنبر وهو أشدهم كآبة، فخطب الناس ووعظهم ، وأقبلوا يبايعونه .
~~وفيها عزل عثمان المغيرة بن شعبة عن الكوفة ، واستعمل سعد بن أبى وقاص عليها بوصية عمر؛ فإنه قال : أوصى الخليفة بعدى أن يستعمل سعدا؛ فإنى لم أعزله عن سوء ولا خيانة.
----
صفحة ٥٦
فكان أول عامل بعثه عثمان، فعمل عليها سعد سنة وبعض أخرى، وقيل: بل أقر عثمان عمال عمر جميعهم سنة؛ لان عمر أوصى بذلك، ثم عزل المغيرة بعد سنة ، واستعمل سعدا، فعلى هذا القول تكون إمارة سعد سنة خمس وعشرين.
~~وحج بالناس فى هذه السنة عثمان ، وقيل : عبد الرحمن بن عوف بأمر عثمان (1).
~~وتوفى في هذه السنة من الأعيان : بركة أم ايمن مولاة رسول الله وحاضنته، وسراقة بن مالك بن جعشم، وعثمان بن قيس بن أبى العاص بن قيس بن عدى بن سهم، ولبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن (2).
~~لم دخلت سنة خمس وعشرين وفيها خالف أهل الإسكندرية ونقضوا صلحهم؛ فغزاهم عمرو بن العاص وقاتلهم .
~~وفيها بلغ سعد بن أبى وقاص عن أهل الرى عزم على نقض الهدنة والغدر ، فأرسل إليهم وأصلحهم، وغزا الديلم ثم انصرف.
~~وفيها كان التغيير على جماعة من الولاة؛ فإن عمر كان قد أوصى أن يقر عماله سنة ، فلما ولى عثمان أقرهم، وأقر المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة، ثم عزله واستعمل سعد ابن أبى وقاص، فعمل عليها سعد سنة وبعض أخرى، وأقر أبا موسى سنوات، وضم حمص وقنسرين إلى معاوية، وتوفى عبد الرحمن ين علقمة الكنانى وكان على فلسطين فضم عثمان عمله إلى معاوية ، ومرض عمير بن سعد فاستعفى؛ فضم عمله إلى معاوية؛ فاجتمع الشام لمعاوية لسنتين من إمارة عثمان، ثم بعث عثمان على خراسان عمير بن عثمان بن سعد، فصالح من لم يجب الأحنف، وأمر الناس بعبور النهر، فصالحه من وراء النهر، فجرى ذلك واستقر (3).
~~وفيها غزا الوليد بن عتبة أذربيجان وأرمينية ؛ لمنع اهلها ما كانوا صالحوا عليه أيام عمر، هذا في رواية أبى مختف، وقال غيره : إنما كان ذلك فى سنة ست وعشرين، ثم إن الوليد صالح أهل أذربيجان على ثمانمائة ألف درهم ، وهو الصلح الذى صالحوا عليه حذيفة بن اليمان سنة اثنتين وعشرين بعد وقعة نهاوند بسنة ، ثم حبسوها عند وفاة عمر ، قلما ولى عثمان وولى الوليد الكوفة، سار حتى وطنهم بالجيش، ثم بعث سلمان بن ربيعة ----
صفحة ٥٧
لى أرمينية فى اثنى عشر ألفا، فقتل وسبى وغنم، وقيل : كان هذا فى سنة أربع وعشرين.
~~وفيها جاشت الروم وجمعت جموعا كبيرة؛ فكتب عثمان إلى الوليد : إن معاوية كتب إلك يخبرنى أن الروم قد أجلبت على جموع عظيمة ، وقد رأيت أن تمدهم من أهل الكوفة ثمانية آلاف أو تسعة آلاف أو عشرة آلاف، فبعث سلمان بن ربيعة في ثمانية آلاف، فشنوا الغارات على أرض الروم وفتحوا حصونا كثيرة، وملأوا أيديهم من الغنم .
~~وفيها حج بالناس عثمان (1) .
~~وفيها سير عمرو بن العاص عبد الله بن سعد بن أبى السرح إلى أطراف إفريقية غازيا بأمر عثمان، وكان عبد الله من جند مصر، فلما سار إليها أمده عمرو بالجنود، فغنم هو وجنده، فلما عاد عبد الله كتب إلى عثمان يستأذنه في غزر إفريقية؛ فأذن له فى ذلك .
~~وتوفى في هذه السنة من الأعيان : جندب بن جنادة أبو ذر، وعبد الله بن قيس بن زيادة ابن الأصم، وعمرو بن عتبة بن فرقد بن حبيب السلمى، وعمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح لم دخلت سنة ست وعشرين وفيها أمر عثمان بتجديد أنصاب الحرم ، وزاد فى المسجد الحرام ووسعه ، وابتاع من لوم وأبى آخرون؛ فهدم عليهم ووضع الأثمان في بيت المال، فصاحوا على عثمان؛ فأمر بهم إلى الحبس، وقال: أتدرون ما جراكم على؟ ما جرأكم على إلا حلمى، قد فعل هذا كم عمر، فلم تصيحوا به! ثم كلمه فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد، فأخرجوا( وفيها جرت خصومة بين سعد وابن مسعود، فعزل عثمان سعدا، وقيل : كان ذلك في سنة حمس وعشرين، وقيل : فى سنة ثلاث وعشرين.
~~وحج بالناس فى هذه السنة عثمان بن عفان رضى الله عنه.
~~وتوفى في هذه السنة من الأعيان : حبيب بن يساف بن عتبة، أسلم فى وقت متأخر، وشهد أحدا والخندق.
~~لم دخلت سنة سبع وعشرين وفيها عزل عمرو بن العاص عن خراج مصر ، واستعمل عليه عبد الله بن سعد بن أبى ----
صفحة ٥٨
سرح، وكان أخا عثمان من الرضاعة، فتباغيا؛ فكتب عبد الله إلى عثمان يقول : إن عمرا كسر على الخراج، وكتب عمرو يقول : إن عبد الله قد كسر على مكيدة الحرب، فعزل عثمان عمرا واستقدمه، واستعمل بدله عبد الله على حرب مصر وخراجها (21.
~~وفيها سار عبد الله بن سعد الى إفريقية غازئا فاتما.
~~ولما افتحت إفريقية أمر عثمان عيد الله ين نافع بن الحصين وعبد الله بن نافع بن عبد القيس أن يسيرا إلى الأندلس ، فأتياها من قبل البحر ، وكتب عثمان إلى من انتدب معهما: أما بعد، فإن القسطنطينية إنما تفتح من قبل الأندلس، وإنكم إن افتتحتموها كنتم شركاء من يفتحها فى الأجر، والسلام فخرجوا ومعهم البربر، فأتوها من برها وبحرها؛ ففتح الله على المسلمين، وزاد فى سلطان المسلمين مثل إفريقية .
~~ولما عزل عثمان عبد الله بن سعد عن إفريقية، ترك فى عمله عبد الله بن نافع بن عبد القيس فكان عليها، ورجع عبد الله إلى مصر، وبعث عبد الله إلى عثمان مالا قد حشد فيه ، فدخل عمرو على عثمان فقال له : يا عمرو، هل تعلم أن تلك اللقاح درت بعدك ؟
~~ثال عمرو: إن فصالها قد هلكت(2).
~~وفيها غزا معاوية قنسرين، وفيها كان فتح إصطخر الثانى على يد عثمان بن ابى العاص.
~~وحج بالناس في هذه السنة عثمان بن عفان ، رضى الله عنه .
~~وتوفى من الأعيان فى هذه السنة: عبد الله بن كعب، شهد المشاهد كلها مع رسول الله وكان عامله على المغانم، وأبو ذؤيب الهذلى الشاعر.
~~لم دخلت سنة ثمان وعشرين وفيها كان فتح قبرس على يد معاوية بن أبى سفيان .
~~وقال أبو معشر : كان ذلك فى سنة تسع وعشرين ، كان عمر بن الخطاب يمنع من الغزو فى البحر؛ شفقة بالمسلمين، واستاذنه معاوية فلم يأذن له ، فلما ولى عثمان استاذته فأذن له، وقال : من اختار الغزو معك طائعا فاحمله، فغزا قبرس فصالح أهلها، وهو أول من غزا الروم.
----
صفحة ٥٩
وفيها غزا حبيب بن مسلمة سورية من أرض الروم .
~~وفيها تزوج عثمان نائلة بنت الفرافصة، وكانت نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها.
~~وفيها بنى عثمان الزوراء.
~~وحج بالناس فى هذه السنة عثمان بن عفان رضى الله عنه.
~~وتوفى في هذه السنة من الأعيان : عمرو بن سراقة بن المعتمر ، شهد بدزا والمشاهد كلها مع رسول الله ؛ لم دخلت سنة تسع وعشرين وفيها عزل عثمان بن عفان أيا موسى الأشعرى عن البصرة، وولى عبد الله بن عامر بن كرز، وهو يومثآذ ابن خمس وعشرين سنة.
~~وفيها زاد عثمان في مسجد النبى فى ربيع الاول ، وكان ينقل الجص من بطن نخل، وبناه بالحجارة المنقوشة، وجعل عمده من حجارة فيها رصاص، وسقفه ساجا، وجعل طوله ستين وماية ذراع، وعرضه خمسين ومائة ذراع، وجعل أبوابه على ما كانت ايام عمر ، ستة أبواب .
~~وحج بالناس هذه السنة عثمان، وضرب فسطاطه بمنى، وكان أول فسطاط ضربه عثمان بمنى، وأتم الصلاة بها وبعرفة، فكان أول ما تكلم به الناس فى عثمان ظاهرا حين اتم الصلاة بمنى، فعاب ذلك غير واحد من الصحابة، وقال له عليى : والله ما حدث أمر ولا قدم عهد، ولقد عهدت النبى وأبا بكر وعمر يصلون ركعتين ، وأنت صدرا من خلافتك، فما أدرى ما ترجع إليه؟ فقال : رأى رأيته، وبلغ الخبر عبد الرحمن بن عوف - وكان معه - فجاعه، وقال له : ألم تصل فى هذا المكان مع رسول الله وأبى بكر وعمر ركعتين، وصليتها أنت ركعتين؟! قال : بلى، ولكنى أخبرت أن بعض من حج من اليمن وجفاة الناس قالوا في عامنا الماضى: إن الصلاة للمقيم ركعتان، واحتجوا بصلاتى، وقد اتخذت بمكة أملا، ولى بالطائف مال، فقال عبد الرحمن: ما فى هذا عذر، أما قولك: اتخذت بها أهلا، فإن زوجك بالمدينة تخرج بها إذا شئت، وتقدم بها إذا شئت، وإنما تسكن بسكناك، وأما مالك بالطائف فبينك وبينه مسيرة ثلاث ليال، وأنت لست من أهل الطائف، وأما قولك عن حاج اليمن وغيرهم ، فقد كان رسول الله ينزل عليه الوحى والإسلام قليل، ثم أبو بكر وعمر ، فصلوا ركعتين، وقد ضرب الإسلام بجرانه ، فقال عثمان: هذا رأى رأيته، فخرج عبد الرحمن، فلقى ابن مسعود، فقال : أبا محمد، غير ما تعلم؛ قال : فما أصنع؟ قال : اعمل بما ترى وتعلم، فقال ابن مسعود: الخلاف شر، وقد ----
صفحة ٦٠
صليت بأصحابى أربعا، فقال عبد الرحمن: قد صليت بأصحابى ركعتين، وأما الآن فسوف أصلى أربعا(1).
~~وتوفى في هذه السنة من الأعيان: سلمان بن ربيعة الباهلى، شهد القادسية وحدث عن عمر، وهو اول من ولى قضاء الكوفة ، ثم عزله عمر ، فخرج غازيا للترك ثم انصرف فاستشهد بالجر من بلاد أرمينية.
~~م دخلت سنة ثلاثين وفيها شهد قوم على الوليد بن عقبة والى الكوفة أنه شرب الخمر، فعزله عثمان رضى الله عنه، وولى سعيد بن العاص بن أبى أحيحة .
~~وفيها غزا سعيد بن العاص طبرستان ؛ وذلك أنه خرج من الكوفة يريد خراسان ومعه حذيفة بن اليمان، وناس من أصحاب رسول الله ل، ومعه الحسن والحسين وعبد الله ابن عباس وعبد الله بن عمر وعمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير، وخرج عبد الله بن عامر من البصرة يريد خراسان، ففعل كل واحد منهما فعلا حسنا فى البلاد من قتل وصلح .
~~وفي هذه السنة سقط خاتم رسول الله من يد عثمان في بثآر أريس، وهى بثر على ميلين من المدينة، جلس عليها عثمان فجعل يعبث بالخاتم، فوقع فى البثر، وكانت من قل الآبار ماء، فنزحت ولم يوجد.
~~وفى هذه السنة زاد عثمان النداء الثالث على الزوراء، وهى دار له بناها فيى عهد النيى وأبى بكر وعمر رضى الله عنهما، فلما كان فى خلافته وكثر الناس، أمر عثمان - وضى الله عنه - يوم الجمعة بالاذان الثالث، فأذن به على الزوراء، فثبت الامر على ذلك، فإن قيل : كيف صار ثلاثا؟ قلنا : بالاقامة.
~~وفى هذه السنة هرب يزدجرد من فارس إلى خراسان فى قول بعض الرواة؛ وذلك أن بن عامر خرج إلى فارس فهرب يزدجرد، فوجه ابن عامر فى أثره من تبعه إلى كرمان؛ نهرب إلى خراسان.
~~وفى هذه السنة حج بالناس عثمان رضى الله عنه(2).
~~وفيها مات عمرو بن أبى سرح الفهرى وكان بدريا، وفيها مات مسعود بن الربيع - وقيل : ابن ربيعة - ابن عمرو القارى من القارة، أسلم قبل دخول النبى دار الأرقم، وشهد ----
صفحة ٦١
بدرا وكان عمره قد جاوز الستين، وفيها مات عبد الله بن كعب بن عمرو الأنصارى، شهد بدرا وكان على غنائم النبى فيها، وفى غيرها، وفيها مات عبد الله بن مظعون أخو عثمان، وكان بدريا وجبار بن صخر، وهو بدرى أيضا (1).
~~لم دخلت سنة إحدى وثلاثين وفيها غزا المسلمون الروم، وهى تلك الغزوة التى يقال لها: غزوة الصوارى. وقيل: كانت سنة أربع وثلاثين .
~~ذكر أن المسلمين لما أصابوا من الروم بإفريقية خرج الروم فى جمع لم يجمع مثله قط ، خرجوا في خمسمائة مركب عليهم قسطنطين بن هرقل ، فباتوا يضربون النواقيس ، وبات المسلمون يصلون ويدعون، ثم أصبحوا، فقال المسلمون : إن شئتم فالساحل حتى يموت الأعجل منا ومنكم، وإن شئتم فالبحر، قال : فنخروا نخرة واحدة، وقالوا: الماء والسفن بعضها إلى بعض، راقتلوا أشد القتال، ووثب الرجال على الرجال يضربون بالسيوف على السفن، ويتواجيون بالخناجر حتى رجعت الدماء إلى الساحل تضربها الامواج، وطرحت الأمواج جيث الرجال ركاما، حتى صارت كالخبال العظيم عند الساحل، وقتل من الفريقين خلق كثير ، ثم نصر الله المسلمين، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، لم ينج منهم إلا الشريد، وانهزم قسطنطين، وأقام عبد الله بذات الصوارى أياما بعد هزيمة القوم، ثم أقبل راجعا (2).
~~وفيها قتل يزدجرد بن شهريار ملك فارس.
~~وفيها فتحت أرمينية على يد حبيب بن مسلمة الفهرى.
~~وفيها خرج عبد الله بن عامر إلى خراسان، ففتح طوس وغيرها حتى بلغ سرخس، وصالح أهل مرو على ألفى ألف رمائتى ألف.
~~وفيها تكلم قوم فى عثمان رضى الله عنه، وكان محمد بن أبى حذيفة يقول بعد غزاة الروم: والله لقد تركنا الجهاد خلفناا فيقال له : وأى جهاد؟ فيقول : عثمان بن عفان؛ فعل كذا وكذا حتى أفسد الناس، فقدموا وقد أظهروا من القول ما لم يكونوا ينطقون به ، وتكلم معه محمد بن أبى بكر، وذكر ما خلف به أبا بكر وعمر رضى الله عنهما، فبلغ ذلك عبد الله بن سعد، فقال : لا تركبا معنا، فركبا فى مركب ما فيه أحد من المسلمين (2) ----
صفحة ٦٢
وحج بالناس فى هذه السنة عثمان بن عفان، رضى الله عنه .
~~وتوفى في هذه السنة من الاعيان: أبو الدرداء الانصارى، وأبو طلحة الأنصارى، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، وأخوه الطفيل، وأبو سفيان بن حرب بن أمية.
~~وفيها غزا معاوية بن أبى سفيان مضيق القسطنطينية ومعه زوجته عاتكة بنت قرطة .
~~لم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وفيها غزا عبد الرحمن بن أبى ربيعة بلنجر ، فحصروها، ونصبوا عليها المجانيق والعرادات، فجعل لا يدنو منها أحد إلا ملك، فقتل معضد فى تلك الايام، ثم اجتمع أهل بلنجر والترك معهم، وأصيب عبد الرحمن، وأخذ القوم جسده، فجعلوه فى سفط ، فهم يستسقون به ويستنصرون، وانهزم المسلمون وفيهم سلمان الفارسى وأبو هريرة.
~~وفيها فتح ابن عامر مرو الروذ وجوزجان (1) .
~~وتوفى فى هذه السنة من الأعيان : الحصين بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف ، وسلمان الفارسى، وعبد الله بن حذافة السهمى، وعبد الله بن فضلة أبو برزة الأسلمى، وعبد الرحمن بن عوف، والعباس بن عبد المطلب عم النبى، وأبو ذر الغفارى رضى الله عنه، وكعب الأحبار.
~~وفيها كانت غزوة معاوية حصن المرأة من أرض الروم بناحية ملطية .
~~لم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وفيها كانت غزوة عبد الله بن سعد بن أبى سرح إفريقية الثانية حين نقض أهلها العهد .
~~وفيها قدم عبد الله بن عامر الاحنف بن قيس إلى خراسان حين انتقض أهلها ، وتبعه بن عامر وفتح عليهم .
~~وفيها سير عثمان - رضى الله عنه - من أهل العراق من سير إلى الشام فسير جماعة من أهل الكرفة كانوا يذكرون عثمان ويسبون سعدا؛ فكتب سعد بن أبى وقاص إلى عثمان فى أمرهم ، فكتب إليه : ابعثهم إلى معاوية، فلما ذهبوا إليه رأى منهم ما لا يصلح، فابعدهم عنه فرجعوا إلى الكوفة؛ فضج أهل الكوفة منهم، فسيروا إلى حمص ، ومن القوم : مالك بن الحارث الأشتر، وثابت بن قيس النخعى، وكميل بن زياد، وزيد بن صوحان، وجندب بن زهير، وعروة بن الجعد، وعمرو بن الحمق ، وسير جماعة من أهل ----
صفحة ٦٣
البصرة إلى الشام أيضا ، منهم: حمران بن أبان، وكان قد تزوج امرأة فى عدتها، فنكل به عثمان وفرق بينهما، وسيره إلى أهل البصرة(1).
~~وحج بالناس فى هذه السنة عثمان بن عفان .
~~وتوفى هذه السنة من الأعيان : الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن ماشم، والمقداد بن الأسود.
~~لم دخلت سنة أربع وثلاثين وفيها كان اجتماع المنحرفين على عثمان بن عفان رضى الله عنه؛ فقد ذكر أن المنحرفين عن عثمان تكاتبوا للاجتماع لمناظرته فيما نقموا عليه ، وتذاكر قوم أعمال عثمان، فأجمعوا رأيهم على أن يبعثوا إليه رجلا يكلمه ويخبره بأحداثه، فأرسلوا إليه عامر ابن عبد القيس، فدخل عليه فقال : إن ناسا من المسلمين اجتمعوا ونظروا فى أعمالك، فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما، فاتق الله، وانزع عنها! فأرسل عثمان إلى معاوية بن أبى سفيان، وإلى عبد الله بن سعد بن أبى سرح، وإلى سعيد بن العاص ، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن عامر، فجمعهم فشاورهم فى أمره، فقال عبد الله بن عامر : إنى أرى أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك، فلا يهم أحدهم إلا نفسه، وقال ابن أبى سرح: أعطهم المال، تعطف عليك قلربهم، وقال معاوية: تأمر أجنادك يكفيك كل منهم من قبله، وقال عمرو بن العاص : اعتدل أو اعتزل، فإن أبيت فاعتزم عزما، وامض قدما، فردهم عثمان إلى أعمالهم، وأمرهم بالتضييق على من قبلهم، وتجمير الناس فى البعوث، ورد سعيد بن العاص أميرا على الكوفة، فخرج أهل الكوفة فردوه وهم : يزيد بن قيس، والأشتر، وذلك يوم الجرعة، والجرعة : مكان مشرف قرب القادسية، وهناك تلقاه أهل الكوفة فرجع إلى عثمان وضرب الأشتر عنق غلام كان مع سعيد فقال عثمان لسعيد: ما يريدون؟ قال : البدل، قال : فمن يريدون؟ قال : أبا موسى، فجعله عليهم.
~~وروى الواقدى عن أشياخه: أن جماعة اجتمعوا فكلموا على بن أبى طالب في أمر عثمان، فدخل عليه وقال: الناس من ورائى، وقد كلمونى فيك وما أعرف شيئا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه ، وقد صحبت رسول الله ونلت صهره، وما ابن أبى قحافة بأولى بعمل الحق منك، ولا ابن الخطاب، وأنت أقرب إلى رسول الله رحما، وقد ثلت من صهره ما لم ينالا، فقال عثمان: والله لو كنت مكانى ما عنفتك ولا عبت عليك ----
صفحة ٦٤