الطور الثاني من سنة 1787 إلى هذه الأيام
ختام
تاريخ الماسونية العام
تاريخ الماسونية العام
منذ نشأتها إلى هذا اليوم
تأليف
جرجي زيدان
مقدمة الكتاب
بسم الله فاتحة كل عمل. أما بعد، فقد أصبحت الماسونية لحداثة عهدها في هذه الديار موضوعا لأبحاث القوم على اختلاف المذاهب والنزعات؛ فمن نصير مدافع عن صحة مبادئها مبالغ في وجوب كتمان أحوالها، وعدو مشدد النكير ومختلق الأراجيف عليها، يقول في ذلك أقوالا ما أنزل الله بها من سلطان. وعندي أن السبب في ذلك إنما هو شدة محافظة أعضائها على التستر في أعمالهم، إلى حد أوجب إساءة الظنون واختلاف الأقاويل، على أننا لو نظرنا إلى الحقيقة لما رأينا في المكاشفة ما يشينها؛ إذ ليس بين أعمالها ما يكسبها إلا فخرا، ولا بين مبادئها إلا ما يرفع منزلتها ويفحم من أراد بها شرا؛ لأن مبادئها أشرف المبادئ، وغايتها من أشرف الغايات.
على أننا لم نسع إلى إخفاء تلك المبادئ أو التظاهر بغير تلك الغاية، ولكنا لم ننج من سهام الملام وضروب التعنيف، وقد أصبح الناس لا يعتقدون صدق ما يظهر من أعمالنا، ولو كانت كالشمس وضوحا، بناء على أن وراء تلك الأعمال غاية لا تزال متسترة في خدر الاجتماعات السرية. فعندهم أننا لو أخلصنا النية وأردنا بالناس خيرا، لما كان ثم ما يمنع اجتماعنا جهارا، فيظهر الحق لذي عينين لأن الحق أبلج. والظاهر لدي أن هذه الجمعية لم تؤسس على شعائر يجب أن تبقى محجوبة إلى الأبد، على أن ما لم يزل محجوبا منها ليس بالأمر المهم لدى الجمهور، وإنما هي إشارات ورموز جعلت واسطة يتعارف بها أبناء تلك العشيرة، فيتميزون بها من سواهم، ولعل المانع من التصريح بها أن الناس لم يبلغوا في هيئتهم الاجتماعية مبلغا يؤهلهم من الاطلاع عليها جهارا، ولكن سيأتي زمن لا يبقى فيه بين أبناء تلك الجمعية وسائر الناس حجاب أو شبه حجاب، ومن يعش ير.
صفحة غير معروفة