وبناء على ذلك نقول: لماذا تجاهل هذا الناقد وجود صنوع كمسرحي؟!
وإذا كان قول هذا الناقد يمكن الرد عليه - من قبل القارئ - بأنه نشر في بداية عام 1870، وهو نفس عام بداية صنوع كمسرحي كما زعم، فمن الجائز أن بداية صنوع المسرحية كانت في منتصف أو آخر هذا العام. والرد على هذا الاحتمال يأتي أيضا من خلال جريدة وادي النيل، عندما نشرت في نوفمبر وديسمبر من عام 1870 مقالة طويلة - نشرت في عددين على مدار عدة صفحات - عن عرض مسرحي بعنوان «أدونيس» أو «الشاب العاقل المجتهد في تحصيل العلم الكامل»، أقيم في مدرسة العمليات - أي مدرسة الهندسة - من قبل بعض الطلاب؛ أي إنه عرض للمسرح المدرسي. وقد أسهبت المجلة في حديثها عن هذا العرض، فنجدها تتحدث عن موضوع المسرحية ومغزاها الأخلاقي والتعليمي، كما تحدثت عن مؤلف المسرحية، وأخيرا أثبتت قائمة بأسماء الممثلين من الطلاب المصريين وأدوارهم في المسرحية.
16
وبناء على ذلك نقول: لماذا اهتمت المجلة بسرد هذه المقالة الطويلة عن عرض مسرحي أقيم داخل أسوار إحدى المدارس، ولم تذكر أية إشارة عن عرض من عروض صنوع المسرحية، خصوصا عروضه في قصر الخديو؟! ولماذا لم تذكر أي خبر عنه كمسرحي أو عن فرقته المسرحية، طوال عام 1870؟! تساؤلات كثيرة تزيد شكوكنا في وجود صنوع كمسرحي في هذا العام الذي زعم أن بدايته كانت فيه.
وإذا نظرنا إلى عام 1871، وهو العام الثاني لنشاط صنوع المسرحي - كما قال - لوجدنا وثيقة مهمة، عبارة عن بداية نشر أول مجموعة مسرحية في مصر. وهذه الوثيقة نشرتها مجلة «روضة المدارس المصرية» على مدار ثلاثة أعداد بدأت في أبريل 1871، وانتهت في يوليو من نفس العام.
17
وهي عبارة عن كتاب بعنوان «كتاب النكات وباب التياترات» لمحمد عثمان جلال. وهذا الكتاب من الآثار المجهولة لهذا الرائد المسرحي،
18
الذي قال في مقدمته: «... لا أزال أجهد نفسي، وأعمل يراعى وطرسي، حتى أجمع كتابا لم يسبقني إليه أحد، ولم يكن ظهر في هذا البلد. ثم لا أزال أطوف حول جزيرة العرب، وأغوص في بحر الأدب، حتى أعرف مده من جزره، وآتي منه بأنفس دره. وأنسج مما غزلته الأقلام، وأحيك بعض ما وشاه الكلام، حتى أقدم صنعة صنعا، وأرصع تاج كسرى، وأنقش ديباج خيوى؛ لعله أن يكون شيئا يهدى، أو فرضا يؤدى.»
غلاف كتاب النكات كما نشر في المجلة.
صفحة غير معروفة