3
لأنها كانت كمعالم تهتدي بها الجيوش المصرية في سلوكها، وكانوا يرسلون إلى المدائن في كل عام رسلا من قبل الملك يأخذون الإتاوة، ويسوون ما يقع من الخلاف والنزاع بين الفرعون والأمير التابع له.
وكانت الرابطة التي تجمع بين أجزاء هذه المملكة غير وثيقة، فكان يتكرر انقطاعها ويتوالى فصمها؛ بسبب امتناع بعض الأمراء عن دفع الأموال في أكثر الأحيان، أو بظهور الفتنة في بعض المدائن، أو في جميعها، وكان الفرعون وأعوانه دائما يتوصلون إلى استئصال شأفة الثورة وقمع الخوارج وإعادة السكينة على قدر ما يصلون إليه، واستمرت سلطة الدولة المصرية على هذا المنوال من غير أن تكون وطيدة الأركان، ومن غير أن يعتريها تأثير عظيم من الاضمحلال مدة قرن من الزمان؛ أي من عهد تحوتمس الثالث إلى أيام أمينوتيس الرابع، بل إن نفس ملوك الآشوريين والكلدانيين اعترفوا بهذه السيطرة للدولة المصرية، ورأوا من الحزم والحكمة تحسين صلاتهم مع جيرانهم المصريين ذوي الاقتدار والبطش المبين. (5) العائلة التاسعة عشرة، ومحاربتها مع طوائف الخيثي (الخيثيين)، وذكر رمسيس الثاني
وقد أخذ نجم مصر في الأفول، وازدهارها في الذبول، فتلاشى سلطانها في عهد أمينوتيس الرابع (في حدود سنة 1430ق.م). وقد اتسع نطاق طيبة تخت مصر مما غنمته من الفتوحات والانتصارات، وزادت ثروة معبودها آمون زيادة تفوق الحد؛ بما جيء به إليه من أسلاب الأمم المغلوبة، حتى لقد عظم هيكله بمدينة الكرنك، واتسع (شكل
4-2 ) فصار كأنه مدينة من المدائن. وكانت الأوقاف تتواتر عليه، والهدايا تتوارد إليه، حتى إن أملاكه ملأت وادي النيل، وامتدت إلى آسيا، وصار لكبار كهنته في الدولة نفوذ تام، وسلطان عام، وكلمة عالية، ومكانة سامية، واستفحل الأمر حتى خشي الفرعون نفسه بأسهم، وداخلته الريبة منهم. وقد كان أمينوتيس الثالث حاول معاكسة نفوذهم، فسعى في المساعدة على عبادة الشمس إله هليوبوليس، فلما خلفه ابنه أمينوتيس الرابع رأى من نفسه الاقتدار على إعدام هذا النفوذ، وملاشاته من الوجود، فنقل كرسي مملكته إلى مدينة أحدثها في مصر الوسطى، وجعلها تحت حماية الإله أتنو؛ أي قرص الشمس. ومن هذا العهد صار هذا الإله معبود العائلة الملوكية، وقد حاول خلفاؤه من بعده أن يتمموا عمله، ولكنهم أخفقوا سعيا لما صادفوه من معارضة الأمة والأشراف، فعادت طيبة إلى مكانتها، وصارت تختا للمملكة، كما كانت، ورجع آمون إلى مقامه - مقام حامي مصر وراعيها - وجاء ملك متمسك بسنة الديانة الأصلية، واسمه هرمايس، فأسس عائلة جديدة (هي التاسعة عشرة).
شكل 4-2:
خرائب هيكل آمون بالكرنك.
شكل 4-3:
الملك سيتي الأول كما هو في إحدى الصور التي على قبره.
شكل 4-4:
صفحة غير معروفة