أن تحيط به المزاحمات المطلوبة والضروري وجودها.
فلو عدم أحد هذين الشرطين من مشروع ما كانت العاقبة على الجمهور منه سيئة سوء عاقبة المشروعات التي تقوم بها أو تتداخل فيها الحكومة.
والذي نراه من مبادئ سميث أنه يبغض بعض المشروعات الخاصة الجماعية
collectivist
مثل الشركات المساهمة؛ وذلك لأن النفع الشخصي الفردي غير موجود فيها. ويستثني من هذه الشركات بعض المشروعات ذات النفع العام مثل المصارف (البنوك) وشركات التأمين على الحياة وشركات المياه، وهذا لأن المشروعات يقل فيها التغيير؛ لأن أعمالها تتحول إلى شكل دائم ثابت
routine .
ثم إن سميث حارب الاحتكار الذي يعطي امتيازه لفرد أو لشركة، وقد وقف فصلا كاملا من كتابه الممتع على محاربة الشركات الكبرى ذات الامتيازات الباهظة التي تأسست في القرنين السابع والثامن عشر لاستغلال المتاجر الاستعمارية، وأشهرها شركة الهند الشرقية.
ذكرت لكم أن سميث مخالف لتداخل الحكومة في الشئون الاقتصادية الداخلية، إلا أن هذا التحريم له حدود، فهو يبيح تداخلها في إدارة بعض المصالح التي لا يمكن انتظامها بدون هيمنة السلطة العمومية، وهي مصلحة البريد والتعليم الابتدائي الإجباري، وامتحانات الحكومة الضرورية للالتحاق بالوظائف العمومية.
ومن الغريب أن آدم سميث قد تنبأ بما سوف يقوم بين العمال وأرباب الأموال من الخلاف، فأشار على الطرفين بطريقة تريحهم إذا استحكم الخلف وهذه الطريقة هي التحكيم. يقول آدم سميث: كلما قام خلاف بين العمال وأرباب الأموال، وقام القضاة بفصل هذا الخلاف؛ كان مرشدوهم هم أرباب الأموال، فيجورون على الدوام على العمال؛ وبناء على ذلك ينبغي لنا أن نعتبر الحكم عادلا كلما كان في مصلحة العمال، ولكن إذا كان الحكم في جانب أرباب الأعمال، فيمكننا أن نشك في رأي المحكمين.
أما حب آدم سميث للزراعة فيماثل حب الفيزوقراطيين لها، وهو يقول عنها إنها أصعب الفنون والصنائع ما عدا الفنون الجميلة والفنون الحرة (القضاء والتعليم)، وهو ينصح لأصحاب الأموال والأعمال أن يصرفوا أموالهم بحسب ما يقتضيه القانون الطبيعي أي: أولا في الزراعة وثانيا في الصناعة، وثالثا في التجارة الخارجية من الخارج أقل قيمة من البضائع التي تصنع في الوطن؛ ولذا شراؤها بأثمان تافهة فيه خسران؛ لأنها لا تعادل أثمانها. وأما أن تكون الصنائع متأخرة في الوطن فينبغي أولا خلق الصنائع غير الموجودة، ثم تشجيعها ولو تكلفت الأمة مهما تكلفت في أول الأمر؛ لأنها بعد ذلك تعود فتربح من مصانعها ولا تحتاج للغير، ومثال ذلك ما حدث لليابان في تجارة الورق. فإن هذه الأمة الجليلة رأت أنها تنفق أموالا باهظة في شراء الورق من الخارج فقام بعض رجالها بتأسيس معامل للورق، ولما كانت الصناعة حديثة العهد كان المعمل الياباني يخرج ورقا أقل حسنا من الورق الخارجي، ولكنه أغلى ثمنا فقام بعض المتشرعين وأبدى الرأي الذي أبداه آدم سميث، فردوا عليه بأنه لا بد من تشجيع الصنائع الوطنية في أول الأمر، وفعلا كان هذا ولم يمض زمن طويل حتى أصبحت المعامل اليابانية تخرج ورقا أحسن في النوع، وأرخص في الثمن من الورق الخارجي، واقتصدوا كذلك ثمن النقل والسمسرة.
صفحة غير معروفة