ومن ناحية أخرى فالعبارة التي أوردها هرتيوس
Hirtius
من أهل القرن الأول قبل الميلاد، وهو الذي سمى الترعة التي كانت الأهالي تشرب منها بنهر النيل لا تنطبق بتاتا على رأي أولئك الذين ظنوها تستمد المياه من بحيرة مريوط، وهذا ما يجعلنا على الاعتقاد بأن المياه التي كان الأهالي يستعملونها تأتي من ترعة كانوب نفسها، وهي التي سبق الكلام عنها، وعلاوة على ما ذكر فإن هذا الرأي لا يتعارض مطلقا مع ما قصه هرتيوس بشأن الموضع الذي كان يوليوس قيصر محصورا به في الإسكندرية، فيوليوس قيصر هذا لم يكن كما هو معروف صاحب النفوذ في الحي الذي تخترقه الترعة المسماة نهر النيل، والترعة التي نتكلم عنها لم تكن في الواقع ونفس الأمر تمر في حي القصور الذي كان يمتلكه يوليوس قيصر، بل كانت تمر من المدينة بين سورها الجنوبي والشارع المستطيل، وتصب من فتحة ضيقة في الترعة التي تتلاقى مع بحيرة مريوط في مينا كيبوتوس.
ولقد شوهد في وصف ترعة الإسكندرية أنها لم يعد يكتنفها الآن في القسم الأكبر من مجراها إلا أطلال وصحاري، مع أنها كانت منذ 460 سنة لا أكثر تتزين وتتحلى بجميع ما في مصر من أنواع الزخارف والثراء، وإليك ما رواه عنها المؤرخ العربي أبو الفداء الذي كان على قيد الحياة في ذلك العهد:
والقمح يجلب لها من البلاد الأجنبية، والحقول التي تحيط بها مجدبة؛ لأن أرضها مشوبة بالملح.
2
أ.ه.
ويقول بالشرح المسطر على الهامش:
الإسكندرية واقعة على جزيرة رملية كونها البحر وترعة الإسكندرية، وهذه الجزيرة على امتداد يسير أقل من نهار مغروسة كروما ومزينة بالبساتين، ومع أن أرضها لم تكن مكونة إلا من رمال، فالعين لا تستنكف رؤيتها، والترعة الموصلة الماء للإسكندرية منظرها بديع، فالجنائن والرياض المزروعة على ضفتيها تجمل مجراها.
3
صفحة غير معروفة