2
هناك استثناءات لهذه الفجوة في مستويات الدخول. تعتبر شرق آسيا هي المثال الأبرز على ذلك؛ حيث تمثل الإقليم الوحيد الذي تمكن من عكس الاتجاه وتحسين وضعه. وتعتبر اليابان هي قصة النجاح الأعظم في القرن العشرين؛ حيث كانت دولة شديدة الفقر لا مراء في ذلك في عام 1820، لكنها استطاعت أن تسد فجوة الدخل مع الغرب، وبالمثل، كان نمو كوريا الجنوبية وتايوان عظيما بالقدر نفسه. ويعتبر الاتحاد السوفييتي مثالا آخر، وإن كان في صورة أقل اكتمالا، وربما تكرر الصين الأمر نفسه اليوم.
شكل 1-2: توزيع حجم التصنيع في دول العالم.
3
كانت عمليات التصنيع وإنهاء التصنيع أسبابا رئيسية في هذه الفجوة في الدخول بين دول العالم (الشكل
1-2 ). في عام 1750، كانت معظم عمليات التصنيع في العالم تجرى في الصين (33٪ من إجمالي حجم التصنيع) وشبه القارة الهندية (25٪)، وكان حجم الإنتاج لكل فرد في آسيا أقل من الدول الأكثر ثراء في أوروبا الغربية، غير أن التفاوتات كانت محدودة. بحلول عام 1913، تغير وضع العالم تماما؛ فانخفضت حصة الصين والهند من إجمالي حجم التصنيع العالمي إلى 4٪ و1٪ على التوالي. في الوقت نفسه، ساهمت المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بثلاثة أرباع إجمالي حجم التصنيع العالمي. وصل ناتج التصنيع للفرد في المملكة المتحدة 38 ضعفا لحجم نظيره في الصين، و58 ضعفا لنظيره في الهند، وليس السبب في ذلك زيادة الإنتاج البريطاني بصورة هائلة فحسب، وإنما كذلك انخفاض حجم التصنيع في كل من الصين والهند انخفاضا هائلا؛ حيث توقفت كثير من صناعات المنسوجات والصناعات المعدنية فيهما بسبب وجود المنتجين الذين يعتمدون على الماكينات في الغرب. في القرن التاسع عشر، تحولت آسيا من مركز التصنيع في العالم إلى مجموعة من الدول التقليدية غير المتطورة المتخصصة في إنتاج وتصدير المنتجات الزراعية.
يلقي الشكل
1-2
الضوء على بعض نقاط التحول الرئيسية في تاريخ العالم. بين عامي 1750 و1880، كانت الثورة الصناعية البريطانية هي الحدث الأكبر. خلال تلك الفترة، زادت حصة بريطانيا من حجم التصنيع في العالم من 2٪ إلى 23٪، وكانت المنافسة البريطانية هي السبب في القضاء على الصناعة التقليدية في آسيا. تميزت الفترة من عام 1880 إلى الحرب العالمية الثانية بتحول الولايات المتحدة الأمريكية وقارة أوروبا - لا سيما ألمانيا على وجه الخصوص - إلى دول صناعية. وصلت حصة كل من الولايات المتحدة وقارة أوروبا في عام 1938 إلى 33٪ و24٪ على التوالي من إجمالي حجم التصنيع العالمي، وفقدت بريطانيا ريادتها لصالح منافسيها؛ حيث انخفضت حصتها إلى 13٪. ومنذ الحرب العالمية الثانية، زادت حصة الاتحاد السوفييتي من إجمالي حجم التصنيع العالمي زيادة هائلة حتى عقد الثمانينيات من القرن العشرين، ثم انهارت تماما مع الانهيار الاقتصادي الذي لحق بدول الاتحاد السوفييتي بعد تفككه. شهدت المعجزة الشرق آسيوية ارتفاعا في حصتها من إجمالي حجم التصنيع العالمي متمثلة في دول اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية؛ حيث بلغت حصتها 17٪، وكانت الصين كذلك تتحول إلى دولة صناعية منذ عام 1980، ووصلت حصتها من الإجمالي العالمي إلى 9٪ في عام 2006. وإذا لحقت الصين بالغرب، ستكون الدائرة قد اكتملت تماما وعادت إلى حيث بدأت.
الأجور الحقيقية
صفحة غير معروفة