تاريخ أفريقية والمغرب
تصانيف
ثم نزل وكتب إلى محمد بن مقاتل فى ذلك بقدومه عليه، وقال:
ألم ترنى رددت طريد عنكم
وقد نزحت به أيدى الركاب
أخذت الثغر فى سبعين مما
وقد وافى على شرف الذهاب
هزمت بهم بعدتهم ألوفا
كأن عليهم قطع السحاب
وأقبل العكى حتى وصل القيروان، ولما بلغ تمام رجوعه جمع له وأتاه، فخرج إليه العكى وإبراهيم على مقدمته، على فرس أشقر مخذرف، ثم دعا بحمزة الحرون فقال له:
«قف فى موضعى وإياك أن تتحرك إلا أن تعلم أنى قد أصبت» ثم رجع إلى ميمنة تمام وهو يقول:
متى أرى كما أريد عفوا
أو أحسون كأس المنايا حسوا
قال: فكسر الميمنة ثم رجع إلى الميسرة فشد عليها وهو يقول:
قد علم ابن سعد وأفتى مضر
أن مغيب عزها أن ننتصر
ففضها ثم رجع إلى القلب من عسكره وحمزة فى الموضع الذى أمره أن يقف فيه، ثم أرسل إلى صاحب ميمنته وميسرته: «إذا رأيتما القلب من عسكرهم قد تضعضع، فليركب كل واحد منكما ما قبله». ثم شد على القلب وجعل أصحابه يفعلون ما أمرهم فكانت الهزيمة. فكتب يحيى بن الفضل صاحب البريد إلى هارون بخبر ابن العكى وتمام، وما كان من أمورهم وشرح الأمر على حسبه. فلما قرأ الكتاب على أصحابه وعرفهم ما فعل إبراهيم شاورهم وقال: «ما ترون فى أمر إبراهيم؟» وقال لهرثمة بن أعين: «أنت قريب العهد» فقال أمير المؤمنين: «أنت سألتنى فى مقدمى منها عن طاعة أهلها وأخبرتك أنه
صفحة ١٣٢