تاريخ أفريقية والمغرب
تصانيف
رأينا منك ما دفع الشك عنا فيك، وليس كلامى لك كلام حقد ولكن نصرة للطاعة وكراهية للخلاف، وهو الذى دعانى إلى قتال من ترى من أهل خراسان، فلما انهزم أصحاب عبدوية ولحقوا به قال لابن الفارسى: «ما هكذا كتب إلينا من كتب من إخواننا!» قال ابن الفارسى: «إنما قاتلك أصحابنا أهل الشام وإنما لقوا طلائعنا بعساكرهم لا تعلم إذا التقينا كيف يصنع الناس».
كان هذا يوم الجمعة، فلما كان يوم الأحد عبأ عبدوية جنده، وزحف وعبد الله بن يزيد بطساس، فلما تواقفوا، قال عبدوية لأصحابه: «تهيأوا لحملة واحدة تصدقوا فيها، فإن فى عسكر عبد الله بن يزيد من لو قد نظر إلينا لانهزم باليأس» وهو على ثقة بما قال لهم فانهزم أصحاب عبد الله بن يزيد، وصبر ناس فأخذ الطاعة من أهل خراسان وأهل الشام، فلما رأوا أنه لا يثوب إليهم أحد انصرفوا إلى الخندق، وجعل عبد الله بن يزيد ينادى: «إلى إلى!» فما أحد رجع إليه، قال له بعض أصحابه: «إنك والله لو قتلت ها هنا وثب الناس على الفضل فيقتل» ولكن سر على طاوية بمن معك حتى تسير إلى القيروان، فتستأنف القتال، فإن الحرب سجال وقد كانت أول وقعة فانصرف. وقتل هارون الأنصارى فى المعركة وأدركوا أبا الأسود الحمصى فى بعض الطريق، وقد نزل عن فرسه، فقتلوه. وسار الناس إلى القيروان وأتبعهم أصحاب عبدوية، فأقاموا على القيروان إلى المغرب، ثم انصرفوا إلى منية اخيل.
واجتمع إلى الفضل بنوا عمه وأصحابه فقالوا له: «ما رأيك؟» فقال لهم: «أشيروا على فاختلفوا فى رأيهم، فمنهم من أشار بالخروج إلى طرابلس والرحيل عن القيروان، ومنهم من أشار بالقعود واضطرب على الفضل أمره ولم يصح له رأى، فلما أصبح بعث المهلب بن يزيد إلى باب سالم، وفرق الناس على ما بقى من الأبواب، وأقبل عبدوية والفضل فى دار الإمارة مع خالد بن يزيد، من ولد أبى صفرة، وعبد الله بن يزيد وجنى بن خداش وجماعة من أهل بيته، فلما قرب عبدوية من الأبواب سد من كان فى المدينة من
صفحة ١١٨