Nevers » الذي يقال له «جان بلا خوف» وأربعة وعشرين أميرا من أعظم نبلاء فرنسا، فهؤلاء لم يقتلهم السلطان بل اكتفى بأخذ الفدية منهم، ولما سرح الكونت «دي نيفير
De Nevers » قال له: «أنت في حل من العهد الذي تعهدت به أن لا تقاتل عساكري، وذلك أنك لو أتيتني بكل جيوش النصرانية لما كان ذلك إلا سببا في انتصاري عليهم.» وأدى باليولوج ملك القسطنطينية الجزية السنوية لبايزيد وبنى جامعا ومحكمة في القسطنطينية وكان للمسلمين فيها قاض شرعي قبل أن فتحوها!
وقال بايزيد إنه لا بد أن يطعم حصانة الشعير في روما، وصارت إيطاليا كلها ترتجف منه، وبينا بايزيد في أوج عظمته إذ التجأ إليه «أحمد جلاير» أمير بغداد الذي كان تمرلنك تغلب على بلاده، فبعث تمرلنك إلى بايزيد يطلب تسليم أحمد جلاير، فقابل بايزيد تلك الرسالة بالازدراء، فزحف تمرلنك إلى الأناضول واستولى علي سيواس وقتل أرطغول بن بايزيد في المصاف، فسار بايزيد إلى قتال تمرلنك بجيوشه، وتلاقى الجمعان في سهل أنقرة، فكان بايزيد في ذلك اليوم صاعقة كما اسمه، ولكن طالع الحرب لم يكن معه فانهزم وتردي به جواده فوقع أسيرا في 20 يوليو/تموز سنة 1402، وأسر معه ابنه موسى، ونجا أولاده الثلاثة سليمان ومحمد وعيسى، واختفى ابنه مصطفى، ولم يطل أسر بايزيد إذ مات غما في السنة التالية، فأخذ الأمير موسى جثة والده تمرلنك ودفنها في بروسة. ويقال إنه في زمن بايزيد ابتدأ فساد الأخلاق في الدولة وانتشرت الرشوة، إلى أن السلطان أمر في يوم واحد بقتل ثمانين قاضيا.
بويع لبايزيد في رابع رمضان سنة إحدى وتسعين وسبع مئة، ومن علماء زمانه شمس الدين محمد بن حمزة الفتاري، قال ابن حجر: كان الفناري عارفا بالعلوم العربية وعلمي المعاني والبيان، وعلم القراءات، كثير المشاركة في الفنون، أخذ على علماء بلاده ثم ارتحل إلى مصر، ثم رجع إلى الروم وتولى قضاء بروسة، وكان مقدما عند السلطان، ويقال إنه أثرى إلى الغاية حتى كان عنده من النقد خاصة مئة وخمسون ألف دينار، وحج مرتين وزار القدس، ثم أصابه رمد أشرف به على العمى، ثم رد الله إليه بصره، فحج بعد ذلك الحجة الأخيرة، وله كتاب يسمى «فصول البدائع في أصول الشرائع» وشرح «الرسالة الأثيرية في الميزان» شرحا لطيفا وشرح «الفوائد السراجية» وعلق على «شرح المواقف للسيد الشريف» تعليقات تتضمن مؤاخذات لطيفة على السيد، وبلغ من الجاه والثروة الدرجة القصوى، وتزاحم الناس على بابه، وخلف عشرة آلاف من الكتب، وقيل إنه شهد السلطان أمامه شهادة في قضية فرد شهادته، فسأله عن السبب في ردها فقال له: إنك تارك للجماعة. فلم يترك السلطان الجماعة بعد ذلك، ثم اختلف المولى الفناوي مع السلطان والتحق بصاحب قرامان، ولكن السلطان ابن عثمان عاد فاسترضاه ورجع إلى بروسة.
ومنهم المولى حافظ الدين بن محمد الكردي المشهور بابن البزازي، وله «الفتاوى البزازية» وكتاب في مناقب الامام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه، وقيل إنه تباحث مع المولى الفناوي فغلب عليه في الفروع، وغلب الفناري في الأصول وسائر العلوم.
ومنهم مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب بن محمد الشيرازي الفيروزآبادي صاحب القاموس، وكان ينتسب إلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، قال صاحب «الشقائق النعمانية»: وربما يرفع نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، دخل بلاد الروم واتصل بخدمة السلطان بايزيد يلدرم، وأنعم عليه، وحظي عند السلطان وجول في البلدان، وبرع في العلوم كلها لاسيما الحديث والتفسير واللغة، وله تصانيف كثيرة تنيف على الأربعين، وأجل مصنفاته «اللامع المعلم العجاب، الجامع بين المحكم والعباب» وكان تمامه في ستين مجلدا ثم لخصه في مجلدين، وسماه ب«القاموس المحيط والقابوس الوسيط فيما تفرق من كلام العرب شماطيط» وكان آية في الحفظ والاطلاع. ولد سنة تسع وعشرين وسبع مئة وتوفي باليمن قاضيا بزبيد ليلة العشرية من شوال سنة ست أو سبع عشرة وثمان مئة، وهو متمتع بحواسه، ودفن بتربة الشيخ إسماعيل الجبرتي، قال صاحب «الشقائق النعمانية» وهو آخر من مات من الرؤساء الذين انفرد كل منهم بفن فاق فيه أقرانه على رأس القرن الثامن، وهم الشيخ سراج الدين البلقيني في الفقه الشافعي، والشيخ زين الدين العراقي في الحديث، والشيخ سراج الدين بن الملقن في كثرة التصانيف في الفقه والحديث، والشيخ شمس الدين الفناري في سعة الاطلاع على العلوم العقلية والنقلية، والشيخ أبو عبد الله بن عرفة في فقه المالكية، والشيخ مجد الدين الشيرازي في اللغة.
وممن نبغ في زمان السلطان بايزيد يلدرم الشيخ شهاب الدين السيواسي وأصله عبد لبعض أهالي سيواس، تعلم في صغرة ونبغ ومال إلى التصوف وتوطن في بلاد آدين، وأكرمه أميرها، وله تفسير للقرآن العظيم، وله رسالة في التصوف سماها «رسالة النجاة في شرف الصفات».
ومنهم المولى حسن باشا بن المولى علاء الدين الأسود وله شرح «المراح في الصرف» وشرح «المصباح في النحو».
ومنهم المولى صفر شاه، وكان من علماء ذلك العصر.
ومنهم محمد شاه بن المولى شمس الدين الفناري، وكان مطلعا على ما اطلع عليه والده من العلوم، وفوض إليه في حياة أبيه تدريس المدرسة السلطانية في بروسة، وهو في الثمانية عشرة، وكانت وفاته سنة 839. وكان له أخ هو المولى يوسف بن المولى الفناري، وتولى التدريس بمدرسة بروسة واستقضي فيها.
صفحة غير معروفة