( ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله ) (1)، وهي من صلوتا في العبرية موضع الصلاة فيكون استعمال العرب لها بمعنى الدعاء من إطلاق اسم المحل على الحال تجوزا ، ووردت في آيات الكتاب بمعناها العربي وهو الدعاء والرحمة قال سبحانه : ( وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) (2)، ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) ولا معنى لها في هذين الموردين إلا ذلك ، وكانت صلاة العرب قبل الإسلام ، هي الدعاء عند تلبية الحج ، وقال ابن عباس كانت قريش تطوف بالبيت عراة ، يصفرون ويصفقون ، وحكى الله حالهم بقوله ، ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) (3) والمكاء هو الصفير والتصدية هي التصفيق ، فيكون المكاء والتصدية نوعا من العبادة عندهم ، وقد سميت هذه العبادة بالصلاة ، وعن مجاهد وقتادة ان النبي (ص)، كان إذا صلى في المسجد يقومون عن يمينه ويساره بالتصفيق والتصفير ، ليخلطوا عليه صلاته ، وهذه الرواية تفيد انهما ليسا من نوع العبادة ، بل كانوا يستعملونهما إيذاء للرسول ولكن ظاهر الآية يؤيد ما قاله ابن عباس من أن عبادتهم كانت على هذا النوع وذكر بعض المفسرين ان العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ، لأنهم لا يناجون الله بثيابهم التي أذنبوا فيها ، ولما جاء الإسلام أمرهم أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد وفي مقام العبادة قال سبحانه : ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) (4).
صفحة ٣٤