وبرزوا على غيرهم في تفكيرهم وانتاجهم في جميع الأدوار التي مروا بها وقال عنهم الدكتور عبد الرحمن البدوي في مقدمة كتابه دراسات إسلامية للشيعة أكبر الفضل في إغناء المضمون الروحي للإسلام ، وإشاعة الحياة الخصبة القوية العنيفة التي وهبت هذا الدين البقاء قويا عنيدا قادرا على إشباع النوازع الروحية للنفوس حتى أشدها تمردا وقلقا ، ولولاها لتحجر في قوالب جامدة (1).
على أنه لم يحدث التاريخ عن أمة لاقت من العسف والجور والتنكيل كما حدث عن الشيعة ، ولكنهم كانوا مع كل ذلك حتى في أدق المراحل من تاريخهم أبرز الفرق الإسلامية وأغناها آثارا وتفكيرا ، وأكثرها جهادا في سبيل الله وخير الإنسانية.
وفي التاريخ وكتب الرجال ما لا يحصى عددا ممن نبغوا في الفقه والحديث والفلسفة والأدب وسائر الفنون إسلامية كانت أم غيرها ، على ان التاريخ كان يحابي الحكام في جميع العصور ويسير في اتجاه معاكس لهم ، لقد أنتج الفكر الشيعي ما أغنى المكتبة الإسلامية في جميع الفنون التي لا تزال من أخصب الموارد وأغناها بالكنوز ، بالرغم من أن حراب الأمويين والعباسيين في القرون الأولى والأيوبيين والأتراك في القرون المتأخرة كانت موجهة الى صدورهم ونحورهم.
لقد بقيت أكثر من سنتين مترددا في الكتابة حول هذا الموضوع تهيبا منه ، لأنه موضوع واسع متشابك الأطراف يحتاج الكاتب فيه الى وقت طويل ومكتبة غنية بالمصادر ، ولا بد له من استعراض ظروف الشيعة والملابسات التي أحاطت بهم وعرض عدد من مشاهير فقهائهم من عهد
صفحة ١٢