22
قد احتك بجعفر الصادق، وأنه كانت بينهما صلة وصداقة، وهذا القول هو الذي يرجح به الأستاذ روسكا أن علاقة كانت بين جابر وبين جعفر الصادق.
غير أن الأستاذ روسكا لا يقف عند هذا الحد، بل يذهب بعد هذا إلى رأي آخر، حيث يحاول أن يثبت أن جعفرا لم يشتغل بعلم الكيمياء، ويريد من جهة أخرى أن يقول بأن كتب الكيمياء المنسوبة إلى جعفر منتحلة فعلا، وأنه لم يشتغل بذلك العلم، ولم يؤلف فيه. وهو يمضي في هذا الرأي موردا كثيرا من الأسباب التي تحمله على الاستمساك به، غير أننا نورد سببا واحدا من الأسباب التي ذكرها، فهو يقول بأنه مما يبعد تصوره أن الاشتغال بعلم الكيمياء، وإن كان قد انتشر وذاع في الإسكندرية وبغداد ودمشق، قد يحتمل أن يكون قد وصل إلى المدينة، حيث كان يعيش جعفر الصادق، أحد أركان الشيعة، وإمام من أئمتها العظام، وأن يكون قد اشتغل عن الدعوة الشيعية بالزئبق والفوسفور، أو بتعليم أمثال جابر بن حيان طريقة تحويل المعادن بعضها إلى بعض، واستنادا على هذا الرأي، لا يقف عند حد الاعتقاد بأن جعفرا لم يشتغل بالكيمياء لا غير، بل يمضي معتقدا بأن كل الكتب المنسوبة إلى جابر والتي ذكر فيها أن جابرا كان تلميذا لجعفر يجب أن تعتبر مدخولة على جابر، وأنها من مختلقات العصور التالية لعصرهما.
على أن في مذهب الأستاذ روسكا كثيرا من مواضع الشك وترجيحات لا مرجحات لها، وذلك للأسباب الآتية:
أولا:
لم يستدل في التواريخ الموثوق بها أن جعفرا الصادق أمضى كل حياته بالمدينة لم يبرحها.
ثانيا:
أن قول الأستاذ روسكا في أنه لم يعرف أن المدينة كانت مركزا لدراسة علم الكيمياء إن كان صحيحا، فإن صحته لا تنافي مطلقا أن يكون الإمام جعفر قد درس الكيمياء في مكان آخر.
ثالثا:
أن علم الكيمياء لم ينتعش ويثمر إلا بين أيدي الفارسيين أولا، وأنهم كانوا يعكفون على الاشتغال به.
صفحة غير معروفة