وكان أكبر المؤيدين لهذا المذهب راهب من رهبان أنطاكية يقال له: «نسطوريوس»، انتقل إلى القسطنطينية أسقفا لها سنة 428م، وتبع تأييد «نسطوريوس» لهذه الفكرة مناقشات حادة، حتى انتهى الأمر بعقد مجلس ديني في مدينة «إفسوس» سنة 431م، فانتصر حزب الإسكندرية، وهو الحزب القائل بما يضاد المذهب النسطوري، واعتبر نسطوريوس وأتباعه هراطقة.
كان النساطرة على اعتقاد كامل في أن نظراءهم بعيدون عن حكم العقل والضرورات الطبيعية؛ لذلك سعوا بعد مضي عامين على حكم مجلس «إفسوس» إلى جمع شملهم، وعلى الرغم من مطاردتهم والاستبداد بهم، نزلوا مصر واتخذوها مقرا لبث تعاليمهم.
قبيل ذلك العهد أغلقت مدرسة «نصيبين»
1
Nisibis
أو بالأحرى انتقلت إلى «الرها»
Edessa . وفي سنة 363م سلمت مدينة «نصيبين» إلى الفرس تنفيذا للمعاهدة التي عقدت إثر الحرب التي أشعل نارها الإمبراطور «يوليانوس»، وكان أعضاء مدرستها منتشرين في الممالك المسيحية إذ ذاك، فعادوا إلى التجمع في «الرها»، وفتحوا مدرسة سنة 373م، وبذلك أصبحت تلك المدينة، ولو أنها في أرض تابعة للإمبراطورية البيزنطية مركزا للكنيسة التي ينطق زعماؤها باللسان السرياني.
أصبحت مدرسة «الرها» بعد ذلك موطنا لأفراد من زعماء النساطرة الذين لم يقبلوا حكم مجلس «إفسوس»، غير أن الإمبراطور «زينون» أغلق تلك المدرسة سنة 439م بحجة أن صبغتها نسطورية متطرفة، فلم يجد أهلها من موئل سوى الهجرة إلى البلاد الفارسية، فهاجروا تحت رئاسة كبيرهم «بارسوما» سنة 457م.
نجح «بارسوما» في أن يقنع «فيروز»
ملك الفرس بأن النساطرة يوالون أبناء فارس، ويمضون خاضعين لقوانينهم، وظلوا على عهدهم هذا عاكفين في كل الحروب التي وقعت من بعد ذلك. ثم أسس النساطرة مدرسة أخرى في «نصيبين»، فأصبحت بؤرة تشع منها التعاليم النسطورية، تلك التعاليم التي كونت وجها من أوجه المسيحية مصبوغا بالصبغة الشرقية البحتة.
صفحة غير معروفة