وعقب عليه الأستاذ «ديلاسي أوليري» فدبج في مؤلفه الذي طبع سنة 1920 عن الفكر العربي فصلا في الصوفية، هو الفصل السابع من ذلك الكتاب (ص181-207) أوضح فيه أواصر العلاقة بين الباطنية المبثوثة في تضاعيف «الأفلاطونية الجديدة»، وبين الباطنية الفارسية في العصر الوثني، وما كان من أثرها فيما بعد على صور التصوف التي اختصت بها فارس وأبناء العرب بعد الإسلام.
وكان أساس التعليم في مدرسة «جنديسابور» غير مقصور على المؤلفات اليونانية والسريانية، بل أضيف إلى ذلك تعاليم من فلسفة الهند وآدابها وعلومها، ترجمت إلى اللغة الفهلوية، وهي اللغة الفارسية القديمة، وهنالك نمت علوم الطب حين تخلصت من جو الضغط والاستبداد الذي حوطتها به التعاليم اللاهوتية. ومن غريب الأمر أن يكون من أشهر الذين علموا الطب في ثوبه الجنديسابوري الحديث فئة من أشهر النساطرة المسيحيين.
ومن الذين اشتهروا من العرب قبل الإسلام في مدرسة «جنديسابور» الحارث بن كلدة الذي عرف من بعد كطبيب، وابنه «النضر» الذي ذكره الرئيس ابن سينا كأحد أعداء سيدنا محمد - عليه الصلاة والسلام - وكان مع الذين هزموا يوم «بدر»، فأسر وقتله علي بن أبي طالب صبرا، على رواية أبي إسحاق الحصري القيرواني (راجع زهر الآداب ص27 مجلد أول). فعرضت للنبي
صلى الله عليه وسلم
أخته قتيلة بنت الحارث فأنشدته:
يا راكبا إن الأثيل مطية
من صبح غادية وأنت موفق
أبلغ بها ميتا بأن تحية
ما إن تزال بها النجائب تعنق
مني إليك وعبرة مسفوحة
صفحة غير معروفة