89

تاريخ دولة آل سلجوق

تصانيف

ولا يصوبون رأيه بالإغباب 2. فلما ركن إلى ركنهم وركب، وكرب 3أن يجلو بلقاء السلطان عنه الكرب، جردوا إليه ثلثمائة فارس فاعترضوه، وأخذوه من طريقه وقبضوه. وكان الأمير قيصر تولى بإبداء الود إخفاء ختله وختره، فحمله إلى قلعة يقال لها فزرين فاعتقله. وأحكم قيده وثقله، وهي قلعة منيعة، وتلعة رفيعة. تعدها النجوم من أترابها والسماء من أسبابها. فلطف الله به، وأوضح له مذهب مهربه. وذلك أنه توسل حتى أشرف على السور، في جنح الديجور. وألقى بنفسه من المكان العالي، وفعل فعل الآيس من حياته السالي. وسلمه الله حيث لا ترجى السلامة، ونزل نزول الغيث حدرته الغمامة، وتوقل في تلك العقاب. وتسلل من تلك الشعاب ووقع إلى ولايته. وسر الناس بعود الأنس والسرور بعوده إلى بلدته. وعلموا أن خطى الخطوب لا تصل في طورها إلى طوده. وكانت عاقبة الأمير قيصر، أنه ضربت ببغداد رقبته. وأودت به في سبيل العقوبة عقبته.

قال أنوشروان: وكان الملك في عهد السلطان محمد مجموعا، وجانبه من الأطماع ممنوعا. فلما صار إلى ابنه محمود فرقوا المجتمع، وضيقوا المتسع. وجعلوا له فيه شركة. ولم يتركوا له منه مسكة. وذلك عند حضور السلطان سنجر. فأول ما اقتطعه سنجر لخاصه مازندران وطبرستان وقومس والدامغان والري ودباوند وأعمالها، وما أفردوه للملك ركن الدين طغرل بن محمد ساره وآبه وسارق وسامان وقزوين وأبهر وزنجان وجيلان والديالم والطالقان. وللملك سلجق أخيه ولاية فارس بأسرها، وشطر من أصفهان من الخوز. وتغلب الأمير دبيس بن صدقة بن منصور على البصرة وأعمالها، والمضافات إليها من البطائح، وكذلك هيت والأنبار وأعمال الفرات والرحبة وعانة، وكذلك أعمال الموصل ونصيبين والخابور، قد تغلب على كل منها أمير، والذي بقي للسلطان أقطع جميعه، وما انحفظ ريعه، وانخفض رفعه. ولم يكن للسلطان خاص لم يكن له عمال، وبطل الديوان، وتدون البطلان. فإنه لم يبق للديوان شغل إلا أخذ أموال ذوي اليسار، وإسعارنا الإعسار.

صفحة ٢٧١