أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري الشعوبي الأخباري: كان أعلم أهل زمانه بالأنساب وأيام العرب وأخبارهم وعلومهم، حتى كان يقول: ما التقى فرسان في جاهلية ولا إسلام إلا عرفتهما وعرفت فارسيهما. قال الجاحظ: «لم يكن خارجي أعلم بجميع العلوم منه»، ومن هذا يفهم أنه كان يرى رأي الخوارج مضافا إلى ما كان عليه من الشعوبية السمجة، وكان يغلب عليه الغريب من اللغة ولهذا كان أول من ألف في غريب الحديث، وكان مع اتساع معرفته بلغة العرب وأدبهم لا يحسن قراءة الشعر وإذا أنشد بيتا لم يقم إعرابه وينشده مختلف العروض، وما ذلك إلا لأنه يضرب بعرق إلى اليهودية، لأن أبا المثنى جده كان يهوديا من يهود باجروان. ولأبي عبيدة مؤلفات كثيرة أشهرها: معاني القرآن، وغريب القرآن، وغريب الحديث، والمثالب، وأيام العرب، وطبقات الفرسان، وخلق الإنسان، والخيل والإبل، ونقائض جرير والفرزدق وغيرها، وقد أحصى له ابن النديم في فهرسته مائة مصنف ونيفا، ولد أبو عبيدة سنة 112ه وتوفي سنة 209ه، وقيل أكثر أو أقل ... (4)
خلف الأحمر البصري: كان راوية للأشعار ونقادة لها، وكان يعد من أضراب الأصمعي بل قيل هو معلم الأصمعي، وهو والأصمعي فتقا المعاني وأوضحا المذاهب وبينا المعالم، وكان الأخفش يقول إنه لم يدرك أحدا أعلم بالشعر من خلف والأصمعي. وكان خلف شاعرا حاذقا ماهرا في التقليد وقد وضع على كثير من شعراء العرب، فكان يضع على كل شاعر ما يتلاءم مع ألفاظه وأسلوبه ومعانيه فيشبه كل شعر يقوله بشعر الذي يضعه عليه، وقد أخذ عنه أهل البصرة والكوفة، ثم نسك في أخريات أيامه وأقر بما كان يضعه، فلم ينتفع بإقراره هذا من انخدع له في أول الأمر وبقي ما وضعه مبثوثا في الدواوين. وله من التصانيف كتاب جبال العرب وما قيل فيها من الشعر، وله ديوان شعر حمله عنه أنبه تلاميذه أبو نواس، وقد رثاه أبو نواس في حياته بأرجوزة منها:
أودى جماع العلم مذ أودى خلف
من لا يعد العلم إلا ما عرف
قليذم من العياليم الخسف
فكلما نشاء منه نغترف
رواية لا تجتنى من الصحف
وله فيه من قصيدة يرثيه بها في حياته أيضا:
وكان ممن مضى لنا خلفا
فليس منه إذ بان من خلف
صفحة غير معروفة