وقالوا: سبزوار، كجنات تجري من تحتها الأنهار. وعمرانها وأسواقها ومحلاتها متصلة حتى قرية إيزي من طريق زورين، وما زالت أطلال ذلك العمران باقية إلى الآن.
[44] ولما وصل الأمير عبد الله بن عامر بن كريز إلى خراسان، لم يحاربه أهل سبزوار، وقالوا: إذا آمن أهل نيسابور، فنحن نؤمن، ولم يبدأوا جيش المسلمين بالحرب، وقد رغبوا في الإيمان بعد فتح نيسابور، تركوا هوى النفس والرياء، ورفعوا علم قبول الإسلام إلى العلاء، زرعوا في عراص الاختصاص بذور السعادة، ليحصدوا ريع السعادة، زينوها بحلية الشرع، وأنبتوها في صدق السنة والحق.
وقد ظلوا على هذه القاعدة وهذا النسق إلى أن جاء حمزة بن آذرك الخارجي «1» من سجستان بجيشه في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشر ومئتين، حيث انحدر من جانب قهستان وترشيز فوصل أولا إلى ششتمد- المدينة التي كانت ولادتي بها- وكانت هناك آنذاك قلعة من غير ماء، وقد حارب أربعين يوما، فلم يتيسر له فتحها، فقام بحفر قناة ششتمد وما تزال تلك القناة موجودة إلى الآن وتعطي قليلا من الماء، وتسمى القناة السفلى.
ولم يرعو حمزة بن آذرك عن رعونته، حيث استولى على رأيه شيطان هواه، فمزق ثوب الصلاح، ومحا من لوح أعماله رقوم الرحمة والشفقة، وأدار برأسه خمار الحقارة وخبائث البدعة والضلالة:
على غير حزم في الأمور ولا تقى ... ولا نائل جزل تعد مناقبه «2»
صفحة ١٤٣