============================================================
ذكر أصحاب الكهف بعد عيسى بدهر وهذا آصح عندي لآن ابن عباس يقول: كان بين عيسى وبين محمد خمسمائة وخمسون عاما، ويقول الله تعالى: ولبثوا فى كهفهر ثلث مأئة سني وأزدادوا تسعا [الكهف: الآية 25]، فلو كان ذلك كله بعد عيسى لكان لا يكون من بعث الله إياهم إلى النبى يل مدة طويلة والله أعلم قال هؤلاء لما بعثوا وجهوا بصاحبهم تمليخا إلى البلد ليأتيهم بطعام وأنه لما تحير الفتى وسأل الملك عن قصتهم العلماء قالوا: قد أخبرنا عيسى في الإنجيل بقصة قوم دخلوا الغار في الدهر وإن الله تعالى سيبعثهم بعدي ليؤمنوا بي وإن الملك لما أراد النهوض إليهم يقدمهم تمليخا فأخبرهم ففزعوا وظنوا آنه دقيانوس فسألوا الله تعالى أن ينجيهم منه، فلما قال لهم تمليخا إنهم يزعمون أن الله تعالى بعث نبيا يقال له عيسى وإن القوم مؤمنون سكنوا، وقالوا: آمنا بكل نبي بعثه الله تعالى وسألوا الله أن لا يطلع عليهم من يشغلهم عن أمرهم، ثم إنهم طعموا وناموا فضرب الله تعالى على آذانهم فأتاهم الملك والقوم فوجدوهم نياما ووجدوا اللوح الذي فيه أسماؤهم ونبأهم ولما أيس منهم أمر بباب الغار فردم وانصرف عتهم، ويقال: لا بل إن الملك هو الذي اتخذ اللوح وأمر فكتب فيه أسماءهم وسد على باب الغار ليعرف حالهم من فرا ذلك، والله أعلم.
وروى محمد بن اسحنق بن يسار فيهم رواية آخرى قال: إنه لما هلك دقيانوس ومضت الدهور كان ملك تلك النواحي رجل يقال له بندوبسيس وكان رجلا صالحا مؤمنا فبقي في ملكه ثمان وستين سنة، ثم إنه وقع بين الناس في وقته خلاف في أمر البعث فأنكر بعضهم البعث أصلا وقال بعضهم: إنما يبعث الأرواح دون الأجساد وقال بعضهم: يبعث الأرواح والأجساد جميعا فكثر التنازع بينهم وكبر ذلك على الملك وخاف أن يغلب أهل الباطل على أهل الحق لما رأى من تطاولهم على أهل الحق وتركهم ما كان في كتاب عيسى فدخل الملك بيته وأغلق بابه ولبس مسخا وجلس على الرماد، وقال: لا أخرج ما لم يتبين الحق وجعل يتضرع إلى الله تعالى من ذنوبه حتى يريهم آية يعرفون بها الحق فأجاب الله تعالى دعوته فألقى في قلب رجل من أهل تلك المدينة أي مدينة أفسوس وكان صاحب غنم حتى جاء وهدم البنيان الذي كان على باب الغار الذي فيه أصحاب الكهف ليتخذه حظيرة لغنمه واستأجر رجلين لينزع الحجارة ففعلا حتى فتحا باب الكهف فحجبهم الله تعالى عن الناس بالرعب فذكر أن أشجع الناس كان إذا أراد الدخول عليهم هرب فزغا مما في الغار، فلما كان كذلك بعث الله تعالى الفتية فجلسوا وقاموا من نومهم مسفرة وجوههم فسلم بعضهم على بعض فظنوا آنهم استيقظوا كما كانوا يستيقظون في الأيام من النوم، ثم قالوا لتمليخا: اذهب لتأتينا بشيء من المدينة واحتفظ عن أن يراك أحد فذهب كما ذكرنا من قبل حتى جاء إلى المدينة فتحير حتى أتى الطباخ فدفع
صفحة ٣٤٨