============================================================
ذكر زكريا ويحبن عليهما السلام يشاء، لعله ينال في الآخرة مراده وروي أنه لما كثر بكاؤه واجتهاده قال له أبوه زكريا: يا بني إني سألت الله تعالى أن يهب لي ولذا يكون قرة عين لي وقد نغصت علينا عيشنا بما نراك من كثرة البكاء والحزن، فقال له: يا أبت ألست حدثتني أن جبرائيل حدثك أن بين الجنة والنار مفازة من نار لا يطفئها إلا الدمع، قال: بلى يا بني قال: فدعني أبكي لعلي أطفئها قال زكريا: يا بني إنه يحق لك البكاء وكان يحيل يصحب عيسى ما يغارقه إلا قليلا، لأن عيسى كان صاحب الشرع فكان يحيى يلزمه العمل بشريعته فذكر أنهما إذا دخلا قرية نزل عيسى على الفجار ونزل يحيى على الأبرار فقيل لهما: ما بالكما؟ قال عيسى: أنا طبيب أعالج المرضى فإذا دخلت قرية طلبت المريض لأداويه، وروي آتهما التقيا يوما قال عيسى ليحيى: تلقاني غائبا كأنك آيس من روح الله تعالى، فقال له يحيل: وتلقاني ضاحكا كأنك آمن مكر الله تعالى، فأوحى الله تعالى إليهما: أني كما قال عيسى لا كما قال يحيى، وفي رواية أخرى أن الله تعالى أوحى إليهما أن أحبكما إلي أحسنكما ظيا بي، فأما زكريا فإنه قتله اليهود وقد اختلف في سبب قتله فالأشهر أنه قتل بسبب مريم لما ظهر بها الحمل وكان لا يدخل عليها غير زكريا فاتهمت اليهود زكريا وقالوا: إنه ركب منها فاحشة وأحملها فقصدوا قتله فهرب متهم فاستقبلته شجرة فنادته الي يا نبي الله تعالى، فانصدعت له حتى دخل جوفها وجاء إبليس فأخذ بهدبة ثوبه حتى بقيت خارج الشجرة، فلما جاء الذين يطلبونه قالوا لإبليس: هل رأيت شيخا من هيئته كذا وكذا؟
قال: نعم، وما رأيت آسحر منه إنه فلق هذه الشجرة بسحره ودخلها فكذبوه فقال: هذه هدبة ثوبه فإذا هم بها فعرفوها فأتمروا فيما بينهم أن يحرقوا الشجرة، فقال إبليس: شقوها بالمنشار فشقوها وشقوا زكريا فيها، وروي عن ابن عباس أن النبي ية قال : رأيت ليلة أسري بي زكريا في السماء فقلت له بعد ما سلمت عليه: يا أبا يحيى أخبرني كيف قتل بنو إسرائيل ابنك، قال: أخبرك يا محمد إن ابني يحيى كان خير أهل زمانه وكان أجملهم وجها وكان حصورا لا يأتي النساء، وكان وصفه الله تعالى { وسيدا وحصورا} [آل عمران: الآية 39] فهمته امرآة ملك بني إسرائيل وكانت بغيا فأرسلت تراوده عن نفسه فعصمه الله تعالى فأبى عليها فعزمت على قتله وكان لهم عيد يخرجون فيه كل عام فكان الملك إذا وعد لا يخلف فخرج إلى الصيد فشيعته امرأته وكان بها معجبا فقال الملك : سلي ما شئت ولا تسأليني شيئا إلا أعطيتك، قالت: أريد يحيى بن زكريا ودمه، فقال الملك: هو لك، ولم يدر آتها تسارع إلى قتله فبعث جلاوزته حتى آخذوا يحين وهو محرابه يصلي وآنا إلى جنبه أصلي فأخرجوه إليه فذبحوه في طست وحملوا رأسه ودمه إليها، فقال النبي: قلت لزكريا فما بلغ من صبرك؟ قال زكريا ما التفت من صلواتي فلما وضع الرأس بين يديها خسف الله تعالى بالملك وأهله وحشمه الأرض فاجتمعت
صفحة ٣١٤