============================================================
ذكر داود عليه السلام ربه فقال: يا رب إن لكل نبي رفيقا في الجنة فمن رفيقي فيها فأوحى الله تعالى إليه: إنك ستراه غذا في السوق فغدا داود يدور في الأسواق سوقا سوقا فلم ير أحذا يتفرس فيه ذلك إلى أن رأى رجلا على ظهره حزمة حطب وهو ينادي من يشتري الطيب بالطيب فتفرس داود أن يكون هو رفيقه في الجنة، فقال له يا عبد الله ما تقول قال الرجل: إن هذا الحطب آنبته الله تعالى وقد قطعته بيدي وحملته على عنقي أطلب به رزقي فقال داود لغلامه ارصد هذا الرجل ما يصنع وأين يذهب فباع الرجل الحطب بشيء فتصدق ببعضها واشترى ببعضها نفقة وحملها في جرابه ومضى، واتبعه الغلام حتى آتى غيضة فدخلها فهاب الغلام أن يدخل فعلم مكانه علامة، ورجع إلى داود وأخبره فخرج داود مع الغلام إلى ذلك المكان وقال لغلامه: اصبر فإن كان منا قريبا فإنا نسمع صوته فلما جن الليل سمعا صوت الرجل قائما يحمد رته ويثني عليه ثلثا من الليل ثم ركع ثث الليل ثم يسجد ثلث الليل الآخر وسلم حتى أصبح وداود يسمع صوته فدخل عليه فرآه في بيت صغير وفيه محراب وكوز من ماء وجراب فيه كسر من خبز فسلم عليه داود فرد عليه السلام ثم قال له: اخرج عني أيها الرجل حتى لا تأكلك السباع فقال له داود إني داود فوتب إليه الرجل يقبل وجهه ويديه ورجليه ويقول يا خليل الله ما جاء بك قال: بعث إلي فأتيتك فأخبره داود بما قال الله له وأنه رفيقه في الجنة، ثم قال له: اخرج معي فأؤانسك بالقليل والكثير قال الرجل: لا، والذي بعثك واستخلفك ما وددت أن لي ملكك بمكاني هذا إلا ما خصك الله به من النبوة وإني لههنا منذ سبعين سنة لم يطلع علي أحد من الناس غيرك فليكن إحسانك إلى آن تخرج عني فتدعني هلهنا فخرج داود وتركه. وعن وهب بن منبه قال: لما تاب الله على داود وحسنت أحوال بني إسرائيل وكثروا وملؤوا الشام ونواحيها وتمجب داود من كثرتهم فأراد داود آن يعلم عددهم وآمر باحصائهم فعجز العادون عن ذلك فأوحى الله إليه يا داود إني وعدت إبراهيم حين أطاعني في ذبح ابنه أن أكثر عدد ولده حتى لا يبلغهم الإحصاء وقد آنجزت له وعدي، أفتريد أن ترد علي ما آنجزت من وعدي وتحصيهم إنك غير قادر على ذلك فترك داود عددهم ثم آوحى الله تعالى إليه ولكني بعد ما أنجزت في بني إسرائيل من وعدي أقسمت بعزتي لأبتلينهم ببلية يقل بها عددهم فخير بني إسرائيل بين إحدى ثلاث أن أبتليهم بالقحط سنين وإما أن أسلط عليهم عدوهم شهرين وإما أن أسلط عليهم الطاعون ثلاثة أيام فجمعهم داود وخيرهم بين الثلاث فقالوا له أنت نبينا وملكنا فاختر لنا فقال داود: أما القحط فإن فيه ذهاب الرحمة من بين الناس وقطع الأرحام، وأما العدو والطاعون فإني أضرب لهما مثلا أن رجلا كان له غلامان فعصى أحدهما سيده فأبق فطلبه فظفر به وكان عبده الآخر عدو الأبق فقال المولى لعبده الآبق: اختر أتهما شئت إما أن أسلط عدوك هذا فيعاقبك كما يشاء وإما أن
صفحة ٢٤٨