============================================================
ذكر يوسف عليه الشلام فلما دخلوا عليه عرفهم يوسف وأنكروه لما أراد الله تعالى آن يبلغ يوسف ما أراده قال ابن عباس وكان بين آن قذفوه في الجب وبين آن دخلوا عليه أرض مصر أربعون سنة، فلذلك أنكروه وقيل: إنه كان متزييا بزي فرعون مصر فكانت عليه ثياب الحرير جالسا على سرير وفي عنقه طوق من ذهب وعلى رآسه تاج من ذهب فلذلك لم يعرفوه وقيل كان بينهم وبينه ستر فلذلك أنكروه، قال بعض الحكماء المعصية تورث النكرة، ولذلك قال تعالى: وجاء إخوة يوشف فدخلوا عليه فعرفهم وهم لد منكرون [يوشف: الآية 58] قالوا: فلما نظر إليهم يوسف وكلموه بالعبرانية قال لهم: أخبروني من آنتم وما أمركم فإني أنكرت شأنكم، فقالوا: قوم من أهل الشام رعاة أصابنا الجهد فجئنا نمتار فقال: لعلكم عيون جئتم تنظرون عورة بلادي فقالوا: لا، والله ما نحن بجواسيس وإنما نحن إخوة بنو آب واحد شيخ كبير صديق الله نبي من آنبياء الله تعالى، يقال له يعقوب قال: فكم أنتم؟ قالوا: نحن كنا اثني عشر فذهب منا أخ إلى البرية فهلك فيها وكان أحب إلى أبينا منا قال: كم أنتم ههنا؟ قالوا: عشرة، قال: فأين الآخر قالوا عند أبينا لأنه أخو الذي هلك من أمه فأبونا يتسلى به قال: فمن يعلم أن الذي تقولون حق؟
فقالوا: أيها الملك إنا ببلاد لا تعرف فيها فقال يوسف: فأتوني بأخيكم الذي من أبيكم إن كنتم صادقين، فإني أرضى بذلك، قالوا: إن أبانا يحزن على فراقه وسنراوده عنه، قال: فضعوا بعضكم عندي رهينة حتى تأتوني بأخيكم فاقترعوا بينهما فأصابت القرعة شمعون وكان أبرهم بيوسف فخلفوه عنده، فذلك قوله تعالى: ولما جهزهم بحهازهم قال اثنون يأخ لكم من أبيكم} الآية، إلى قوله: وإنا لفلعلون} (يوسف: الآيات 59 - 61) فقال عند ذلك يوسف لفتيانه أي لغلمانه الذين يكيلون الطعام: اجعلوا يضمنهم [يوسف: الآية 12] أي ثمن طعامهم. قال ابن عباس: كانت بضاعتهم النعال والأدم. وقال قتادة: كانت ورقا في رحالهم (لعلهر يعرفونها إذا انقلبوا إلك أهلهر لعلهة يرجعوب [يوسف: الآية 12]. واختلف العلماء في السبب الذي فعل ذلك يوسف بهم من أجله، فقال الكلبي تخوف يوسف أن لا يكون عند أبيه من الورق ما يرجعون به إليه مرة أخرى وقيل: خشي أن يشق أخذ ذلك منهم على أبيه، إذ كانت السنة سنة جدب وقيل رأى لؤما أخذ ثمن الطعام من أبيه وإخوته مع احتياجهم إليه فرده عليهم من حيث لا يعلمون تكرما وتفضلا وقيل فعل ذلك لأنه علم أن ديانتهم وأمانتهم تحملهم على رذ البضاعة ولا يستحلون إمساكها فيرجعون إليه لأجلها فلما رجعوا إلك أبيهث قالوا يكأبانا} (يوسف: الآية 23] قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا كرامة لو كان رجل من ولد يعقوب ما أكرمنا كرامته، فقال لهم يعقوب: إذا أتيتم ملك مصر فاقرؤا عليه مني السلام وقولوا له إن أبانا يصلي عليك
صفحة ١٢٧