============================================================
ذكر يوسف عليه السلام ألقوه إلى الأرض وحفوه فقال لهم: ما هذه الحفوة أهكذا ضمنتم من أبيكم، ويقال: إنه استسقاهم حين عطش فلم يسقوه، وقالوا له: يا ابن راحيل صاحب الأحلام الكاذبة قل لها تطعمك وتسقيك وتدفعنا عنك ويروي بعضهم قصدوا قتله لكنه التجأ إلى يهوذا وكان ابن خالته وأعقلهم جميعا وتضرع إليه فمتعهم عن القتل وقد روى بعض الناس في هذه القصة أشياء من معاملتهم إياه لكن لا أحب ذكرها فإن الأولى بنا أن ننزه أنبياء الله تعالى عن كل شيء يمكننا من تنزيههم عنه من الذنوب، ثم إن يهوذا أشار عليهم بأن يلقوه في الجب يلتقظه بعض السيارة) [يوسف: الآية 10) فأجمعوا على ذلك قال الله تعالى: فلما ذهبوا بهه وأبمعوا أن يجعلره فى غيبت الجر وأوحينا إلينه لتنتتنهم بأمرهم هلذا وهم لا يشوون [يوسف: الآية 15]، ويروى أنهم نزعوا قميصه، فقال لهم: لا تنزعوا قميصي لأستر به عورتي إن عشت ويكون كفني إن مت، فتركه يهوذا ويقال: لا بل ألقوه في الجب عريانا بلا قميص والله أعلم، وإنه تضرع إلى يهوذا وقال: قل لهم يخلوا عني ويردوني إلى يعقوب وأضمن لا أذكر شيئا مما فعلوه فسألهم يهوذا ذلك فأبوا عنه وقال بعضهم: إن تتركنا نلقيه في الجب وإلا قتلناه فقال ليوسف: قد سمعت ما قالوا وإنك إذا كنت في الجب لم تيأس أن يفرج الله عنك، فألقوه في الجب، فلما أرسل من شفير الجب قال الله تعالى لجبرائيل أدرك عبدي فأدركه قبل أن يصل إلى قعر الجت، وأنبت الله صسخرة من الماء حتى أقعده جبرائيل عليها ولينها الله تعالى له وبسطها حتى استقر عليها، وكان له قميص من حرير الجنة وهو الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى إبراهيم عليه السلام يوم ألقي في النار فألبسه إياه فأعطاه إبراهيم لاسحلق وكساه إسحلق يعقوب فجعله في معاذة فعلقها في عنق يوسف حرزا له من العين فأخرج جبرائيل ذلك القميص من معاذة يوسف وألبسه إياه، وجعل الله ماء الجب عذبا حتى يغنيه عن الطعام والشراب وجبرائيل عنده يؤنسه ويقال: كان جبرائيل يأتيه بطعام الجنة وكانت في الجب هوام من الحيات وغيرها فلما أحست بيوسف قالت بعضها لبعض قد نزل في هذا الجب نبي من آنبياء الله تعالى فغرق في حجركن ولا تخرجن فتؤذينه وكان جبرائيل عليه السلام فيما يقال يصعد بالليل إلى السماء، فلما أمسى قام ليذهب فتعلق به يوسف وقال: إني أستوحش إذا خرجت عني فقال له جبرائيل عليه السلام قل يا صريخ المستصرخين، ويا غياث المستغيئين، ويا مفرج كرب المكروبين قد ترى مكاني وتعلم حالي ولا يخفى عليك شيء من أمري أسألك الفرج مما أنا فيه ويقال في رواية أخرى إن جبرائيل عليه السلام علمه فقال له: قل يا كاشف كل كربة، ويا مجيب كل دعوة، ويا جابر كل كسير ويا ثاني كل واحد، ويا مؤنس كل فريد، ويا صاحب كل غريب، ويا شاهد كل نجوى لا إلله إلا أنت سبحانك يا الله
صفحة ١٠٩