تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين
الناشر
دار المشرق
رقم الإصدار
الثالثة
مكان النشر
بيروت
تصانيف
في الرقة يذكر العراق في غربته:
أهيمُ بآثار العراقِ وذكره ... وتغدو عيوني عن مسرَّتها عَبْرىَ
وألثم إخفاقًا وطنَ ترابهُ ... وأكحلُ أجفانًا بتربته العَطْرَى
وأسهر أرعى في الدياجي كواكبًا ... تمرُّ إذا سارت على ساكني الزورا
وانشقُ ريح الشرق عند هبوبها ... أداوي بها يا ميُّ مُهجتَي الحَرّا
وقال في وصف بغداد وفراقه لها:
أرضٌ إذا مرَّت بها ريحُ الصبا ... حملت من الأرجاء مسكًا أذفرا
لا تسمعنَّ حديث أرضِ بعدها ... يُروى فكل الصيد في جوف الفرا
فارقتها لا عن رضى هجرتها ... لا عن قلى ورحلتُ لا متخيَّرا
لكنها ضاقت عليَّ برحبها ... لما رأيتُ بها الزمان تنكَّرا
ومن حسن قوله وصفه لشاعر سهل الألفاظ بعيد المعاني:
تتحَّيرُ الشعراء إن سمعوا به ... في حسن صنعته وفي تأليفه
فكأنهُ في قربه من فهمهم ... وتقولهم في العجز عن ترصيفهِ
شجرٌ بدا للعين حسنُ نباتهِ ... ونأى عن الأيدي حتى مقطوفهِ
وقال مستغفرًا وقد افتتح به كتاب مقاماته:
أنا مذنبٌ أنا مجرمُ أنا خاطئ ... هو غافرٌ هو راحمُ هو عافي
قابلتهنّ ثلاثةُ بثلاثةٍ ... وستغلبَن أوصافُهُ أوصافي
وكانت وفاة الشهاب الآلوسي في السنة التي ذكرناها فرثاه قوم من الفضلاء كما مدحوه في حياته وقد جمعت تلك المدائح في كتاب حديقة الورود في مدائح أبي الثناء شهاب الدين محمود. وكان أولاده أغصانًا نضرة في تلك الدوحة الباسقة سنذكرهم في وقتهم. واشتهر في زمانه أخواه عبد الرحمان وعبد الحميد فعرف عبد الرحمان بفصاحة لسانه وخلابة أقواله في الخطابة والوعظ وكان يدرس العلوم الدينية في أكبر جوامع الكرخ إلى وفاته سنة ١٢٨٤ (١٨٦٧م) وعمره نحو ثلث وستين سنة.
أما عبد الحميد الآلوسي فكان مكفوف البصر ولم تصده تلك العاهة عن طلب العلوم فأخذها عن أخيه السيد محمود الذي أجازه في المعقول منها والمنقول والفروع والأصول فجعل يدرس في مدرسة بغداد المعروفة بالنجيبية ويتقاطر لاستماعه الناس حتى علية القوم وفي مقدمتهم علي رضا باشا والي بغداد وله بعض مصنفات نثرية بليغة وقصائد غراء منها قصيدة في مدح أحد مشايخه العظام أولها:
1 / 91