تعداد مجد المرء منقصة إذا
فاقت مزاياه عن التعداد
ولذلك لن نحاول عد تلك الصفات والمزايا لأنها أكمل وأجل من أن تعد رغم ما حصل من طمس لفضله ومآثره في عصر بني أمية، ومع ذلك ظهر من فضائله وحدها (( ما ملأ الخافقين.. )) .
يقول ضرار بن أمية وهو ممن عاش في عصر الإمام علي (ع) حين أرغمه معاوية أن يقول في علي(ع) ما يرى فقال أما ولابد: (( فكان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس بالليل ووحشته، وكان غزير الدمعة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب، وكان فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه ويجيبنا إذا سألناه، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا، لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظم أهل الدين، ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في مواقفه ليلة، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وقد مثل قائما في محرابه قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، وكأني أسمعه وهو يقول: (( يادنيا غري غيري، أبي تعرضت؟ أم إلي تشوقت؟ هيهات هيهات.. قد أبنتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك كبير، آه من قلة الزاد ومن بعد السفر وعظم المورد )) (1) .
لمحة من حياته (ع)
تربى ونشأ علي (ع) في حجر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مقتفيا أثره، سالكا منهجه.
شهد ولادة النور الجديد فكان ثالث ثلاثة يدينون بتوحيد الله: الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وخديجة (رض) وعلي (ع)، تولى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إعداد شخصيته حتى صار نسخة ثانية له فكرا، وعقيدة وسلوكا عدا الرسالة ومايتعلق بها.
صفحة ٢١