التراويح أكثر من ألف عام في المسجد النبوي
الناشر
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
تصانيف
لا ينصرفون إلا على وجه الفجر. وعليه قلنا تكون القراءة لست وثلاثين ركعة كالقراءة لثمان أو لست عشرة ركعة.
بل وجدنا عمليا أن عمر ﵁ جمع القراء فأمر من كان أخف قراءة أن يقرأ بثلاثين بينما كانت القراءة بخمسين بستين كما تقدم.
وعليه لا يكون تعارض بين الروايات الواردة وعدد الركعات للتراويح زمن عمر ﵁. كما قال الباجي ﵀ في شرح الموطأ ج١ص٢٠٨ ما ملخصه: قد اختلفت الروايات فيما كان يصلى به في رمضان في زمان عمر ﵁. فروى السائب بن يزيد إحدى عشرة ركعة، وروى يزيد بن رومان ثلاثا وعشرين ركعة، وروى نافع مولى ابن عمر أنه أدرك الناس يصلون بتسع وثلاثين ركعة يوترون فيها بثلاث.
فيحتمل أن يكون عمر ﵁ بدأ بثمان على ما كان عليه رسول الله ﷺ كما أفاده حديث عائشة ﵂ المتقدم: "ما زاد رسول الله ﷺ في رمضان ولا في غيره على ثمان ركعات". وأمرهم مع ذلك بطول القراءة يقرأ القارئ بالمئين في الركعة فلما ضعف الناس عن ذلك أمرهم بثلاث وعشرين ركعة على وجه التخفيف عنهم من طول القيام، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الركعات وكان يقرأ البقرة في ثمان ركعات أو اثني عشرة ركعة، وقد قيل: إنه كان يقرأ من ثلاثين آية إلى عشرين آية. وكان الأمر على ذلك إلى يوم الحرة، فثقل عليهم القيام فنقصوا في القراءة وزادوا في عدد الركعات فجاءت ستة وثلاثين ركعة والوتر بثلاث فمضى الأمر على ذلك ولعل التخفيف إلى ستة وثلاثين وقع قبل الحرة كما جاء في رواية محمد بن سرين أن معاذ أبا حليمة كان يقوم بهم إحدى وأربعين ركعة. وهو ما مات إلا في وقعة الحرة.
والذي يهمنا ما ظهر من التدرج في التراويح في زمن عمر ﵁ بالتخفيف من القراءة وزيادة عدد الركعات فكانت قلة الركعات معها كثرة القراءة وكثرة القراءة معها قلة الركعات.
مناقشة "نعمة البدعة":
وقبل أن ننتقل من عهد عمر إلى عهد عثمان ﵄ يحسن إيراد الجواب على قول عمر ﵁: "نعمت البدعة" لجمعه الناس على قارئ واحد وصلاتهم إياها في جماعة. فما مراده بقوله هذا وما الجمع بين قوله: "نعمت" وبين كونها بدعة؟
وخير ما نسوق في ذلك هو كلام شيخ الإسلام بن تيمية ﵀ في
5 / 84