وفي سنة 1253 كان مصطفى رشيد باشا في نظارة الخارجية، وتوسم في صاحب الترجمة مستقبلا عظيما في السياسة فحرضه على ترك الطب، فتركه وتعين مترجما في الباب العالي. ثم صار مترجما أول للديوان الهمايوني، وفي سنة 1254ه سافر رشيد باشا إلى لندرة سفيرا مؤقتا، فاصطحب فؤاد أفندي كاتبا أول للسفارة المذكورة، وبقي المشار إليه في لندرة ثلاث سنوات ثم عزل إلى الآستانة، وبقي فيها سنتين معتزلا.
ولما تعين رشيد باشا سفيرا في باريس للمرة الخامسة، تعين فؤاد أفندي سفيرا مؤقتا لإسبانيا والبرتغال، وبقي فيها سنتين، وبعد عودته للآستانة نال الرتبة الثانية المتمايزة، وتعين ترجمانا للديوان الهمايوني في شهر جمادى الآخر من سنة 1261، وفي ربيع أول سنة 1263 أحسن إليه بالرتبة الأولى من الصنف الأول، وتعين في (ديوان آمدي همايون) أي ديوان الاستقبال الهمايوني.
وفي سنة 1265ه أرسل إلى عاصمة الفلاخ والبغدان بمأمورية مخصوصة، فقام بها حق القيام، وبرهن على ما فطر عليه من الاقتدار الباهر ، فأرسل من هناك إلى بطرسبرج سفيرا، وفي أثناء وجوده في بطرسبرج عين مستشارا للصدارة العظمى وأعطيت له رتبة يالا في محرم سنة 1268.
وهذه أول خطوة خطاها نحو مرامي الشهرة البعيدة والمجد الباذخ، ثم أرسل إلى مصر بمأمورية مخصوصة بتعليمات من رشيد باشا فتكلل سعيه بالنجاح، وحصل على رضاء السلطان عبد المجيد ورشيد باشا ومدحه على إجراءاته، وولاه السلطان نظارة الخارجية مكافأة له، وكان فؤاد أفندي إلى هذا التاريخ مدينا بما أحرزه من التقدم إلى رشيد باشا وغريس نعمته، لكنه بعد ذلك حالف رشيد باشا في مسلكه السياسي، ووطد أركان إقباله بالاتحاد مع عالي باشا تارة، والانفراد بنفسه تارة أخرى.
وكان المنتظر من فؤاد باشا تعضيد رشيد باشا ومضافرته في كبح من يعارضه في ترقية الأمة والوطن لا مخالفته والتهالك وراء الرفعة والإقبال، وحب ترقية الأمة الذي كان فؤاد باشا مفطورا عليه يقضي عليه بذلك.
وفي محاربة القرم أرسل إلى يانية لتأديب أشقياء اليونان فتمكن من إعادة الأمن لتلك الجهات في ستة أشهر، وفي سنة 1271 وجهت إليه رتبة الوزارة.
وفي سنة 1856 تعين مندوبا لمؤتمر باريس المنعقد لعمل معاهدة السنة المذكورة، وكان ناظرا للخارجية في ذلك التاريخ ورافق عالي باشا بصفته مرخص ثان. ا.ه.
هذا ما رواه أبو الضياء من ترجمة هذا الرجل في كتابه «نمونه وأدبيات».
شكل 28-2: الماركيز دفرين.
وفي سنة 1276ه/1860 حدثت الحوادث الشهيرة في بلاد الشام، فاهتمت أوروبا بشئون المسيحيين فيها، وكان البادئ بذلك الاهتمام فرنسا فخابرت إنكلترا واتفقتا على تكليف الباب العالي بتشكيل لجنة دولية من مندوب عثماني ومندوبين من سائر الدول العظمى تسير إلى سوريا للبحث عن أسباب تلك الفتن ومعاقبة مسببها وتقرير الخطة التي تضمن الأمن في المستقبل، وأن يرفعوا بذلك تقريرا إلى الباب العالي، فتشكلت اللجنة المشار إليها، وأعضاؤها هم:
صفحة غير معروفة