قوادح في الإِسلام فتقصينا أقواله في هذا الكتاب وأشبعنا القول في هذه المسألة، وبسطناه في أوراق، وقد أشرنا فيه إلى تأويلات الحديث المذكور، وذكرنا اضطراب الرواة في هذا المعنى فمنهم من زاد في هذا العدد، ومنهم من نقص منه، ومنهم من أنكر أن يجمعه أحد، وأنه قد يتأول على أن المراد به لم يجمعه بجميع قراءاته السبع، وفقهه، وأحكامه، ومنسوخه سوى أربعة، ويحتمل أيضا أن يراد به أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبيّ ﷺ سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله إذ ذاك غيرهم كان يتأول نزول القرآن ما دام ﷺ حيًّا فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله وهؤلاء استجازوا ذلك، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منهم. ويحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوف الرياء، واحتياطًا على حسن النية كفعل الصالحين في كثير من العبادات.
وأظهر هؤلاء ذلك؛ لأمنهم على أنفسهم، وكيف تعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة، والصحابة متفرقون في البلاد هذا أيضا لا يتصور حتى يَلْقَى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه أنه لم يكمل القرآن، وهذا بعيد عادة. وكيف وقد نقل الرواة إكمال بعض النساء لقراءته وقد اشتهر حديث عائشة ﵂ وقولها: " كنت جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن "، وأيضا لم يُذْكَر في هؤلاء الأربعة أبو بكر، وعمر ﵄ كيف يحفظ القرآن من سواهما دونهما؟!. وأيضا يحتمل أن يكون أخبر عن علمه أو أراد من أكمله من الأنصار ﵃ وإن كان قد
1 / 216