التقوى تعريفها وفضلها ومحذوراتها وقصص من أحوالها
الناشر
دار النفائس للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
الأردن
تصانيف
المبحث الثامن فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى
نهانا رُّبنا ﵎ عن تزكية أنفسنا، وذلك بمدح الواحد منَّا نفسه، وثنائه عليها، وذكر ما فعله من أفعال خير، من صلاةٍ وصوم، وزكاة، وحجٍّ وأمر بمعروف ونهي عن المنكر، وقد علَّل الله ﵎ للنهي عن التزكية بكونه العالم بمن اتقى ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ [النجم: ٣٢].
ومن استحضر أن الله تعالى عالم به، مطَّلع على أعماله وأقواله فإنه يتواضع لله ﵎، ويصغر في عينيه ما عمله، ويكون خائفًا دائمًا أن لا يتقبل الله تعالى منه، وأن يضيع عمله، فيصبح عمله هباءً منثورًا، فإن العجب بالأعمال من محبطات الأعمال.
والذي يعلم يقينًا أن الله تعالى يراه ويعلم بما كان منه من تقوى يطمئن إلى أن الله لا يضيع عمله، وسيجازيه به، قال تعالى: ﴿وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمُ بِالْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ١١٥]. قال: ﴿لا يَسْتَاذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمُ بِالْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: ٤٤].
وكما على العبد أن يكون دائمًا على حذر أن يشغل نفسه بتزكية نفسه، فعليه أن يحذر من تزكية غيره، فقد يجرُّه ذلك إلى نوع من التملق والنفاق، وقد تنفخ تلك التزكية العظمة والعجب فيمن زكيته، فيقطع المرء بتزكيته عنق صاحبه.
1 / 67