التقوى تعريفها وفضلها ومحذوراتها وقصص من أحوالها
الناشر
دار النفائس للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
الأردن
تصانيف
المبحث الحادي عشر تأسيس الأعمال على التقوى
ينبغي أن تؤسس الأعمال على التقوى، ومن ذلك بناء المساجد، ودور الأيتام، والمدارس، والجامعات، وقد ذمَّ الله تعالى في العهد النبوي الذين بنوا في المدينة في منطقة قباء مسجدًا ضرارًا، أرادوا من ورائه أن يتخذوه موضعًا للتآمر على رسول الله وعلى المؤمنين معه، فنهى الله رسوله ﷺ عن افتتاحه والصلاة فيه، وكان بناته قد دعوا رسول الله ﷺ إلى الصلاة فيه، فكشف الله سترهم، فضح أسرارهم، وأنزل فيهم قرآنًا يتلى تحذيرًا من كلِّ من فعل مثل فعلهم، ورغَّب الله رسوله ﷺ أن يقوم في المسجد الذي بني على التقوى، وهو الذي بني لعبادة الله، وفيه الذين يحبُّون أن يتظهروا، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرُ أَمْ مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمُ حَكِيمُ﴾ [التوبة: ١٠٧ - ١١٠].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: "سبب نزول هذه الآيات الكريات أنه كان بالمدينة قبل مقدم رسول الله ﷺ إليها رجل من الخزرج يقال له: أبو عامر الراهب، وكان قد تنصّر في الجاهلية، وقرأ علم أهل الكتاب، وكان فيه عبادة في الجاهلية، وله شرفٌ في الخزرج كبير.
1 / 75