التقريب لحد المنطق
محقق
إحسان عباس
الناشر
دار مكتبة الحياة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٠٠
مكان النشر
بيروت
الاب قد كانت موجودة قبل ان يكون ابا، وقبل ان توجد ذات الابن، وان كانا معا في الاضافة، أي انه كان موجودا فلم يكن ابا حتى وجد الابن. وبالجملة فاستحقاق احد المضافين لاسم الاضافة بينهما سواء، لا يتقدم احدهما الآخر فيها، وذلك لأنه إذا ذكر احد المضافين بالاسم الذي يقضي الاضافة دل ذلك على وجود الآخر ضرورة، وهكذا كل مضاف. وكذلك لا يجوز ان نقول ضعف الا ووجب مضعوف، والمضعوف هو نصف لعدد يسمى النصف الثاني إذا اضيف إلى هذا النصف ضعفا له، وهكذا القول في الصغير والكبير والقليل والكثير والخفيف والثقيل والرخو والمكتنز [٢٦ ظ] والمساوي والمثل وغير ذلك مما يقتضي مضافا إليه. والاضافة تقع في جميع المقولات إذا اصبت في ادارتها وايقاع حكمها فانك تقول في الكيفية: الهيئة هيئة للمتهيء بها والمتهيء بالهيئة ذو هيئة والجعد جعد بالجعودة والجعودة جعودة للجعد؛ وكذلك العلم يقتضي عالما والعالم فيما بيننا يقتضي علما؛ وكذلك سائر الكيفيات. وكذلك جميع الكميات: فالعدد يقتضي معدودا والمعدود يقتضي عددا. وكذلك المكان يقتضي متمكنا والمتمكن يقتضي مكانا. وكذلك ذو الزمان يقتضي زمانا والزمان يقتضي ذا زمان. وكذلك القيام والقعود والملك والفعل والانفعال. وإنما تكون الاضافة صحيحة إذا اصبت في لفظ ايقاعها وادارتها. وكذلك قالت الاوائل ان الاضافة موجودة في المقولات كلها بالعرض لا بالطبع، أي انها ليست موجودة في اقتضاء اللفظ لها على كل حال لأنك إذا قلت: الطائر بالجناح طائر كان غير مستقيم لأنك تجد ذا جناح لا يطير كالنعام وتجد ما قد ذهب جناحه بآفة يسمى طائرا، ولكن ان قلت: ذو الجناح بالجناح ذو جناح والجناح لذي الجناح جناح كان قولا صحيحا صوابا فتحفظ من مثل هذا في مناظرتك وفي طلبك الحقائق فانك ربما ألزمت في شيء انه يقتضي شيئا آخر فتجيب إليه وذلك غير واجب عليك والا لزم لك؟ على ما قدمنا - وهذا من أغاليط الارذال الممخرقين وذلك نحو قول بعض الكذابين: الفاعل من اجل فعله جسم، فهذا فاسد جدا لما قد بينا لك لأنه ليس من اجل ان الفاعل فاعل وجب ان
1 / 60