التقريب لحد المنطق

ابن حزم ت. 456 هجري
164

التقريب لحد المنطق

محقق

إحسان عباس

الناشر

دار مكتبة الحياة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٩٠٠

مكان النشر

بيروت

وكثير من مثل هذا، فلولا براهين مقبولة من ألفاظ أخر بينت لنا أن المراد بالتحريم بعض المرضعات والمرضعات وبعض الزواني والزناة دون بعض وبعض السراق دون بعض لوجب حمل هذه الألفاظ على كل ما هو مسمى بها وان كان البعض أيضا من هذه المعاني يقع عليه الذي يقع على الكل. وأما اللفظ الجزئي الذي يدخل فيه معنى كلي فقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ (١٩ النساء ٤) في أول سورة النساء، ثم اتصل الخطاب إلى قوله تعالى ﴿حرمت عليكم أمهاتكم﴾ (٢٣ النساء: ٤) الآية وكل ما ذكر فيه فمحرم على غير الذين آمنوا ولكن ليس بهذا اللفظ لكن بدلائل أخر من ألفاظ أخر أوقعت أيضًا هذا الحكم على غير من [هو] مسمى في هذا المكان ولولا تلك الألفاظ الأخر لما دخل في هذا الحكم من ليس مسمى باسم من خوطب به أصلا. وإنما ذكرنا هذا القسم لأن لا يظن جاهل أن هذا الحكم إنما انتقل من هذا اللفظ إلى غير من يقتضيه. فإذا أردت أن تقدم مقدمات من الأنواع التي ذكرنا في اول هذا الباب وقد قلنا إن إليها يرجع في ما اختلف فيه قلت: كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، النتيجة: فكل مسكر حرام؛ فهذه قرينة من النحو الأول من الشكل الأول. وان شئت قلت: كل سارق مل سوى أقل من ربع دينار فعليه قطع يده وزيد سرق شيئا ليس أقل من ربع دينار، فزيد عليه قطع يده. وهكذا يفعل في جميع الأوامر وهو أن يخرج الأمر بلفظ خبر كلي يعم ما اقتضاه اللفظ الذي يجب الائتمار له. واعلم ان اللفظ ان كان من الألفاظ المشتركة كان جاريا على جميع الأنواع التي اقتضاها ذلك اللفظ، ان قدر على ذلك، حيث ما وجدت مجتمعات أو أفرادا. وليس لأحد ان يقول: لا أجري الحكم الا على اجتماع جميع المعاني التي يقتضيها الاسم، لأنه يصير حينئذ مخالفا لحكم الاسم من حيث قدر أنه موافق له، لأن كل بعض منه يقع [٦٨ ظ] عليه ذلك الاسم، فإذا لم يجره على ذلك البعض إذا وجده منفردا فقد منع من اجراء الاسم على عمومه وما يقتضيه، وهذا إبطال موضوع الاسم، فان كان ذلك ممتنعا في الطبيعة أو كان لفظا عاما الا أنه لا يقوم

1 / 152