118

تحقيق جزء من علل ابن أبي حاتم

محقق

سعد بن عبد الله الحميد وخالد بن عبد الرحمن الجريسي

الناشر

مطابع الحميضي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٧ هجري

مكان النشر

الرياض

قال ابن حزم (١): «ومَنْ صَحَّ أنه قَبِلَ التلقينَ ولو مرةً، سَقَطَ حديثُهُ كلُّه؛ لأنَّه لم يتفقَّهْ في دينِ الله ا، ولا حَفِظَ ما سَمِعَ، وقد قال _ج: «نضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ منَّا حديثًا، حَفِظَهُ حتَّى بلَّغه غيرَهُ»؛ فإنما أمر _ج بِقَبُولِ تبليغِ الحافظ. والتلقينُ هو: أن يقولَ له القائلُ: حدَّثَكَ فلانٌ بكذا، ويُسَمِّيَ له مَنْ شاء مِنْ غيرِ أنْ يَسْمَعه منه، فيقول: نعم، فهذا لا يخلو مِنْ أحد وجهين - ولا بُدَّ من أحدهما ضرورةً -: إمَّا أن يكونَ فاسقًا يحدِّثُ بما لم يَسْمَعْ، أو يكونَ مِنَ الغَفْلة بحيث يكونُ الذاهلَ العَقْلِ، المدخولَ الذِّهْنِ، ومِثْلُ هذا لا يُلْتَفَتُ له؛ لأنه ليس مِنْ ذوي الألباب» . اهـ.
ولقبولِ التلقينِ أسبابٌ عِدَّةٌ، منها: ضَعْفُ الراوي، وعَدَمُ مبالاتِهِ بالرواية، والغَفْلةُ، وإحسانُ الظنِّ بمن يُلَقِّنُهُ، والاعتمادُ في الحفظ على الكتاب، ثم التحديثُ مِنْ غيره؛ إمَّا لكونِهِ فقَدَ بَصَره، فيحدِّثُ مِنْ حفظه ظَنًّا منه أنه حافظٌ لحديثه، أو لفقدِهِ الكتابَ، أو لكونِهِ لم يَصْطَحِبْ كتابَهُ معه في بعضِ الأماكنِ التي حدَّث فيها، أو لتساهلِهِ في التحديثِ مِنْ غير كتابِهِ مع قدرتِهِ عليه، أو نحو ذلك.
والذي يهمنا هنا: بيانُ هذا السببِ الذي يُوقِعُ العِلَلَ الخَفِيَّةَ في بعضِ الأحاديث؛ بسببِ قبولِ بعضِ الثقاتِ الحفاظِ للتلقين، ولم يَكْثُرْ منهم ذلك، ولا عُرِفُوا به حتى يكونَ عِلَّةً ظاهرة.

(١) في "إحكام الأحكام" (١/١٣٢) .

1 / 123