وما مضى بعض ثوان حتى انفجرت الجمجمة، وتدفق منها دم غزير.
عند هذا رحبت جدران الغرفة واحتجبت الكوة، فأبصر الناسك نفسه في سهل واسع يجتازه نهر كبير.
هناك شاهد الحصادين يحصدون، والجنود يرشقون السهام، والكلاب المفترسة تنبح نباحا مزعجا، والأسود تزأر زئيرا مخيفا، وسمع الطبول تدق، ونغمات الأبواق الحربية تتصاعد في الفضاء، وأبصر ضفادع ذات رءوس فيلة تزحف على الأرض، وفيلة ذات رءوس ضفادع تركض ركضا مخيفا، وتماسيح صغيرة تدب بين الصخور، لا يبلغ طول الواحد منها ما تبلغ الحشرة.
وشهد في الفضاء أفاعي مجنحة ووطاويط مرعبة يتساقط من أجنحتها ألوف من الحيات.
سلم الناسك أمره لله، وسجد ليصلي فتبددت تلك المشاهد المخيفة أمام عينيه.
وهكذا بقي سيراب طيلة أشهر عديدة عرضة لمثل تلك المشاهد الرهيبة. •••
ذات يوم في حين كان الناسك عائدا إلى غرفته وفي يده قربة ملأها من النيل، سمع أنينا وأبصر فلاحا ممددا على الأرض والدم ينبع غزيرا من جراح في رأسه.
فانحنى فوقه وغسل جراحاته وقرب الماء من شفتيه.
وبعد أن شرب الفلاح من يد الناسك رفع رأسه وحدق في سيراب قائلا: أنت لا تعرف من أنا! ... لقد ظننت أنك تنجد أخا من إخوتك، ولكن ساء فألك، فأنا إبليس!
عند هذا توارت الجراح عن رأس الفلاح وبرقت عيناه بريقا هائلا كأنه شعلة من نار.
صفحة غير معروفة