ذات يوم بعد أن قام القديس بلم الصدقات حسب عادته اليومية، دخل إلى كنيسة كوبرتينو، فرأى المؤمنات ينشدن فرض الصلاة أمام الهيكل بأصوات ضعيفة متقطعة، فتأثر لدى هذا المشهد، ولم يملك نفسه من البكاء، ثم رفع ذراعيه إلى السماء وقال: رب! اغفر لهن؛ لأنهن لا يدركن ما يفعلن!
وتقدم منهن قائلا: يا أخواتي العزيزات، أنتن تهن الله إهانة عظمى بصلواتكن المبكية! أهكذا يكرمون الخالق؟ إن أحط الناس عقلا يقومون بواجباتهم أحسن من قيامكن، مع أنكن عرائس المسيح! ... احمدي الله أيتها المطوقة الصغيرة يا مخلوقة الله العذبة الوديعة ...
عند هذا أخذت المطوقة التي كانت جاثمة على كتفه، تحرك جناحيها بخفة وعذوبة، وطارت إلى شباك الخورس، حيث شرعت تسجع سجعا جميلا أثار كوامن الدهشة من صدور المؤمنات ...
فاستطرد القديس كلامه قائلا: يا أخواتي العزيزات! أنا تارك لكن هذه المطوقة البريئة؛ لتعلمكن أصول التسابيح، فتعهدنها بكل ما أوتيتن من الحنان.
بقيت المطوقة طيلة سنوات خمس خاضعة لمشيئة الأب يوسف، وذات يوم أساءت إليها إحدى المبتدئات بأن علقت جلجلا برجلها، فاختفت المطوقة ولم ترجع!
عند هذا قلق جميع من في الدير، فبعثن يطلبن الأب يوسف.
عندما قدم الطوباوي قال لهن: لقد وهبتكن موسيقيا بارعا فاستخدمتنه قارعا للجرس، إن المطوقة ذهبت إلى قبر المسيح، ولكنها ستعود. •••
في أثناء ذلك كان الجحيم يثور ثورة الهول، وكان أمير الظلمات قد أذن له من الحكمة الإلهية، بأن يعالج غضبه في خادم الله.
أما الأب يوسف، فأصبح يرى نفسه تارة على أبواب اللجج مدفوعا إلى أعدائه الألداء، وطورا يسمع صوتا يرن في مسمعه قائلا: دع هؤلاء البؤساء أيها القديس العظيم، فتجلس على عرشك السامي! فيظن القديس نفسه مذنبا بإصغائه إلى تلك الأراجيف، فيستسلم للبكاء ، وينادي الله لإنقاذه، والله أصم لا يسمع كأن السماء من نحاس!
وأما الرجال فقد أصبحوا يضطهدونه، وأنكره إخوته ورؤساؤه وجميع من عرفه وآمن به.
صفحة غير معروفة