182

تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة

محقق

عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٩٩ هجري

مكان النشر

بيروت

مُهْرًا لَمْ يَرْكَبْهُ مِنْ لَدُنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ لأَسْرَعُ مَرًّا مِنَ السَّحَابِ لَا يَدْرِي الرَّجُلُ مَتَى يُمْسِي وَمَتَى يُصْبِحُ، ثُمَّ تَقُومُ الْقِيَامَةُ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْتِيَنَّهُمْ وَإِنَّ الرَّجُلَ قَدِ انْصَرَفَ مِنْ لَبَنِ لَقْحَتِهِ مِنْ تَحْتِهَا فَلا يَذُوقُهُ وَلا يَطْعَمُهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ فِي فِيهِ اللُّقْمَةُ فَمَا يُسِيغُهَا، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ قَالَ: وَأَمَّا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَإِنَّهُمَا يَعُودَانِ إِلَى مَا خَلَقَهُمَا اللَّهُ مِنْهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿إِنَّهُ هُوَ يبدئ وَيُعِيد﴾ فَيُعِيدُهُمَا إِلَى مَا خَلَقَهُمَا مِنْهُ. قَالَ حُذَيْفَةُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ قِيَامُ السَّاعَةِ وَكَيْفَ النَّاسُ فِي تِلْكَ الْحَال. فَقَالَ رَسُول الله: بَيْنَمَا النَّاسُ فِي أَسْوَاقِهِمْ أَسَرَّ مَا كَانُوا بِدُنْيَاهُمْ وَأَحْرَصَ مَا كَانُوا عَلَيْهَا فَبَيْنَ كَيَّالٍ يَكِيلُ وَوَزَّانٍ يَزِنُ وَبَيْنَ مُشْتَرٍ وَبَائِعٍ إِذْ أَتَتْهُمُ الصَّيْحَةُ فَخَرَّتِ الْمَلائِكَةُ صَرْعَى مَوْتَى عَلَى خُدُودِهِمْ وَخَرَّ الآدَمِيُّونَ مَوْتَى عَلَى خُدُودِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أهلهم يرجعُونَ﴾ قَالَ: فَلا يَسْتَطِيعُ أَحَدُهُمْ أَنْ يُوصِيَ صَاحِبَهُ وَلا يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَتَخِرُّ الْوُحُوشُ عَلَى جُنُوبِهَا مَوْتَى وَتَخِرُّ الطُّيُورُ مِنْ أَوْكَارِهَا وَمِنْ جَوِّ السَّمَاءِ مَوْتَى وَتَمُوتُ السِّبَاعُ فِي الْغِيَاضِ وَالآجَامِ وَالْفَيَافِي، وَتَمُوتُ الْحِيتَانُ فِي لُجَجِ الْبِحَارِ وَالْهَوَامُّ فِي بُطُونِ الأَرْضِ فَلا يَبْقَى مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا ﷿ إِلا أَرْبَعَةٌ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَمَلَكُ الْمَوْتِ فَيَقُولُ اللَّهُ لِجِبْرِيلَ مُتْ فَيَمُوتُ، ثُمَّ يَقُولُ لإِسْرَافِيلَ مُتْ فَيَمُوتُ، ثُمَّ يَقُولُ لِمِيكَائِيلَ مُتْ فَيَمُوتُ، ثُمَّ يَقُولُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَا مِنْ نَفْسٍ إِلا وَهِيَ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ فَمُتْ فَيَصِيحُ مَلَكُ الْمَوْتِ صَيْحَةً ثُمَّ يَخِرُّ مَيِّتًا ثُمَّ يُنَادِي السَّمَوَاتِ فَتَنْطَوِي عَلَى مَا فِيهَا كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكِتَابِ وَالسَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ مَعَ مَا فِيهِنَّ لَا يَسْتَبِينُ فِي قَبْضَةِ رَبِّنَا ﷿ كَمَا لَوْ أَنَّ حَبَّةً مِنْ خَرْدَلٍ أُرْسِلَتْ فِي رِمَالِ الأَرْضِ وَبُحُورِهَا لَمْ تَسْتَبِنْ، فَكَذَلِكَ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ مَعَ مَا فِيهِنَّ لَا تَسْتَبِينُ فِي قَبْضَةِ رَبِّنَا ﷿. ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ ﵎: أَيْنَ الْمُلُوكُ وَأَيْنَ الْجَبَابِرَةُ، لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى نَفْسِهِ: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، ثُمَّ يَقُولُهَا الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ، ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ لِلسَّمَوَاتِ فَيَتَمَسَّكْنَ كَمَا كُنَّ وَيَأْذَنُ لِلأَرَضِينَ فَيَنْسَطِحْنَ كَمَا كُنَّ ثُمَّ يَأْذَنُ لِصَاحِبِ الصُّورِ فَيَقُومُ فَيَنْفُخُ نَفْخَةً فَتَقْشَعِرُّ الأَرْضُ مِنْهَا. وَتَلْفِظُ مَا فِيهَا، وَيَسْعَى كُلُّ عُضْوٍ إِلَى عُضْوِهِ، ثُمَّ يُمْطِرُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ الْحَيَوَانُ، وَهُوَ تَحت الْعَرْش فيمطر

1 / 184