تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة
محقق
عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٩٩ هجري
مكان النشر
بيروت
(الصِّنْف الرَّابِع) قوم ينسبون إِلَى الزّهْد حملهمْ التدين النَّاشِئ عَن الْجَهْل على وضع أَحَادِيث فِي التَّرْغِيب والترهيب ليحثوا النَّاس بزعمهم على الْخَيْر ويزجروهم عَن الشَّرّ، وَقد جوز ذَلِك الكرامية وَكَذَا بعض المتصوفة كَمَا قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر، قَالَ حجَّة الْإِسْلَام الْغَزالِيّ: وَهَذَا من نزغات الشَّيْطَان فَفِي الصدْق مندوحة عَن الْكَذِب وَفِيمَا ذكر الله وَرَسُوله غنية عَن الاختراع فِي الْوَعْظ، وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام النَّوَوِيّ: خالفوا فِي ذَلِك إِجْمَاع الْمُسلمين الَّذين يعْتد بهم على تَحْرِيم تعمد الْكَذِب على رَسُول الله وعَلى أَنه من الْكَبَائِر لخَبر " من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار " بل بَالغ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ فَكفر بِهِ (قلت) وَنقل الْحَافِظ عماد الدَّين ابْن كثير عَن أبي الْفضل الهمذاني شيخ ابْن عقيل من الْحَنَابِلَة أَنه وَافق الْجُوَيْنِيّ على هَذِه الْمقَالة، وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْكَبَائِر لَهُ: وَلَا ريب أَن تعمد الْكَذِب على الله تَعَالَى وَرَسُول الله فِي تَحْرِيم حَلَال أَو تَحْلِيل حرَام كفر مَحْض، وَإِنَّمَا الشَّأْن فِي الْكَذِب عَلَيْهِمَا فِي مَا سوى ذَلِك وَالله أعلم، وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا تعلقوا بِهِ من الشّبَه الْبَاطِلَة فِي تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث من أَنه إِنَّمَا ورد فِي رجل معِين ذهب إِلَى قوم وَادّعى أَنه رَسُول رَسُول الله إِلَيْهِم يحكم فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ فَبلغ ذَلِك رَسُول الله فَأمر بقتْله وَقَالَ هَذَا، أَو أَنه فِي حق من كذب عَلَيْهِ شَيْئا يقْصد بِهِ عَيبه أَو شين الْإِسْلَام وتعلقوا فِي ذَلِك بِمَا رُوِيَ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله " من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده بَين عَيْني جَهَنَّم " قَالَ: فشق ذَلِك على أَصْحَابه حَتَّى عرف فِي وُجُوههم
1 / 12