وقالوا كيف يجوز أن ينسخ تعالى شيئا بشيء كما قال (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) وهل يدل ذلك على ان لآية لا تنسخ الا بآية. وجوابنا انه يتعبد المكلف في كل وقت بما هو مصلحة له واذا كان في زمن الوحي ربما يكون الصلاح انتظار نقل المكلف من عبادة الى عبادة فعلى هذا الوجه ينسخ تعالى العبادة بغيرها كما يفعل تعالى البرد بعد الحر والليل بعد النهار وقوله (نأت بخير منها) أي بما هو أصلح من الاولى ولا فرق بين أن يعلمنا ذلك بقرآن أو بوحي الى الرسول صلى الله عليه وسلم ثم بين انه تعالى على هذه المصالح قدير بان يبينها كما شاء فلا يدل ذلك على ان كل شيء داخل في قدرته كنحو أفعال العباد من كفر وايمان وقد يقال هو قدير على كل شيء لانه الذي يقدر غيره كما يقال للملك انه مالك للبلاد وما فيها لما كان مقتدرا على ان يملك الغير ويسلبه ملكه ولذلك قال (ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير) وزجر المرء عن أن يتكل الا على عبادته.
[مسألة]
قالوا كيف قال تعالى (أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل) وكيف منع من مسألة الرسول وقد نصبه الله تعالى معلما ومبينا. وجوابنا ان المراد المنع من مسألته على الرد والتعنت لا على وجه التفهم ولذلك قال (ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل).
[مسألة]
وربما قالوا كيف يبدأ تعالى بقوله (أم تريدون) وعند العرب لا يبتدأ بذلك الاستفهام بل يبنى على كلام متقدم. وجوابنا انه قد يحذف المتقدم اذا دل الكلام عليه وذلك كقوله (الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه) ثم قال (أم يقولون افتراه) وقد قيل ان معناه بل تريدون أن تسألوا رسولكم يقول ذلك لليهود وقد تقدم ذكرهم.
[مسألة]
صفحة ٣١