فإنه ذهب إلى أن الشمس لما توارت بالحجاب وغابت كان ذلك سببا لترك عبادة كان يتعبد بها بالعشي وصلاة نافلة كان يصليها فنسيها شغلا بهذه الخيل وإعجابا بتقليبها فقال هذا القول على سبيل الاغتمام لما فاته من الطاعة وهذا الوجه أيضا لا يقتضي إضافة قبيح إليه (ع) لأن ترك النافلة ليس بقبيح ولا معصية وأما قوله تعالى فطفق مسحا بالسوق والأعناق @QUR@
عن الطاعة ولم يكن ذلك على سبيل العقوبة لها لكن حتى لا يتشاغل في المستقبل بها عن الطاعات لأن للإنسان أن يذبح فرسه لأكل لحمه فكيف إذا انضاف إلى ذلك وجه آخر يحسنه وقد قيل إنه يجوز أن يكون لما كانت الخيل أعز ماله عليه أراد أن يكفر عن تفريطه في النافلة بذبحها والتصدق بلحمها على المساكين قالوا فلما رأى حسن الخيل وراقته وأعجبته أراد أن يتقرب إلى الله تعالى بالمعجب له الرائق في عينه ويشهد بصحة هذا المذهب قوله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون @QUR@
ولا يسمي العرب الضرب بالسيف والقطع به مسحا قال فإن ذهب ذاهب إلى قول الشاعر
مدمن يجلو بأطراف الذرى
دنس الأسوق بالعضب الأفل
فإن هذا الشاعر يعني أنه عرقب الإبل للأضياف فمسح بأسنمتها ما صار على سيفه من دنس عراقبها وهو الدم الذي أصابه منها وليس في الآية ما يوجب ذلك ولا يقاربه وليس الذي أنكره أبو مسلم بمنكر لأن أكثر أهل التأويل وفيهم من يشار إليه في اللغة روى أن المسح هاهنا هو القطع وفي الاستعمال المعروف مسحه بالسيف إذا قطعه وبتره والعرب تقول مسح علاوتها أي ضربها ومنها أن يكون معنى مسحها هو أنه أمر يده عليها صيانة لها وإكراما لما رأى من حسنها فمن عادة من عرضت عليه الخيل
صفحة ٩٤