برجل من الأنصار وهو يضرب وجه غلام له ويقول قبح الله وجهك ووجه من تشبهه فقال النبي (ص) بئس ما قلت فإن الله خلق آدم صورته
يعني على المضروب ويمكن في هذا الخبر وجه رابع وهو أن يكون المراد أن الله تعالى خلق صورته لينفي بذلك الشك في أن تأليفه من فعل غيره لأن التأليف من جنس مقدور البشر والجواهر وما شاكلها من الأجناس المخصوصة من الأعراض هي التي ينفرد القديم تعالى بالقدرة عليها فممكن قبل النظر أن يكون الجواهر من فعله وتأليفها من فعل غيره ألا ترى أنا نرجع في العلم بأن تأليف السماء من فعله تعالى إلى السمع لأنه لا دلالة في العقل على ذلك كما نرجع في أن تأليف الإنسان من فعله تعالى في الموضوع الذي يستدل به على أنه عالم من حيث ظهر منه الفعل المحكم إلى أن يجعل الكلام في أول إنسان خلقه لأنه لا يمكن أن يكون مؤلفه سواه إذا كان هو أول الأحياء من المخلوقات فكأنه (ع) أخبر بهذه الفائدة الجليلة وهو أن جواهر آدم (ع) وتأليفه من فعل الله تعالى ويمكن وجه خامس وهو أن يكون المعنى أن الله تعالى أنشأه على هذه الصورة التي شوهد عليها على سبيل الابتداء وأنه لم ينقل إليها ويتدرج كما جرت العادة في البشر وكل هذه الوجوه جائزة في معنى الخبر والله تعالى ورسوله أعلم بالمراد مسألة فإن قيل فما معنى
الخبر المروي عن النبي (ص) أنه قال : سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته
وهذا خبر مشهور لا يمكن تضعيفه ونسبته إلى الشذوذ الجواب قلنا أما هذا الخبر فمطعون عليه مقدوح في راويه فإن راويه قيس بن أبي حازم وقد كان خولط في آخر عمره مع استمراره على رواية الأخبار وهذا قدح لا شبهة فيه لأن كل خبر مروي عنه لا يعلم تاريخه يجب أن يكون مما سمع منه في حال الاختلال وهذه طريقة في قبول الأخبار وردها ينبغي
صفحة ١٢٨