الرسول من أن يمسك عن وعظه وتذكيره لا سيما وقد كان يتصرف على أمره وتدبيره فرجف المنافقون به (ص) إذا تزوج المرأة ويقرفونه بما قد نزهه الله تعالى عنه فقال له أمسك عليك زوجك تبرؤا مما ذكرناه وتنزها وأخفى في نفسه عزمه على نكاحها بعد طلاقه لها لينتهي إلى أمر الله تعالى فيها ويشهد بصحة هذا التأويل قوله تعالى فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا على أن العلة في أمره بنكاحها ما ذكرناه من نسخ السنة المتقدمة فإن قيل العتاب باق على كل حال لأنه قد كان ينبغي أن يظهر ما أضمره ويخشى الله ولا يخشى الناس قلنا أكثر ما في الآية إذا سلمنا نهاية الاقتراح فيها أن يكون (ص) فعل ما غيره أولى منه وليس يكون (ص) بترك الأولى عاصيا وليس يمتنع على هذا الوجه أن يكون صبره على قذف وإهانة المنافقين وهوانه بقولهم أفضل وأكثر ثوابا فيكون إبداء ما في نفسه أولى من إخفائه على أنه ليس في ظاهر الآية ما يقتضي العتاب ولا ترك الأولى وأما إخباره بأنه أخفى ما الله مبديه فلا شيء فيه من الشبهة وإنما هو خير محض وأما قوله وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ففيه أدنى شبهة وإن كان الظاهر لا يقتضي عند التحقيق ترك الأفضل لأنه أخبر أنه يخشى الناس وأن الله أحق بالخشية ولم يخبر أنك لم تفعل الأحق وعدلت إلى الأدون ولو كان في الظاهر بعض الشبهة لوجب أن نتركه ونعدل عنه للقاطع من الأدلة وقد قيل إن زيد بن حارثة لما خاصم زوجته زينب ابنة جحش وهي ابنة عمة رسول الله (ص) وأشرف على طلاقها أضمر رسول الله (ص) أنه إن طلقها زيد تزوجها من حيث إنها ابنة عمته وكان يحب ضمها إلى نفسه كما يحب أحدنا ضم قرابته إلى نفسه حتى لا ينالهم بؤس ولا ضرر فأخبر الله تعالى رسول الله (ص) والناس بما كان يضمره من إيثار ضمها
صفحة ١١٠