339

تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

الناشر

دار الكتب العلمية

مكان النشر

لبنان

﴿مِّن نَّاصِرِينَ﴾ من مانعين من عَذَاب الله
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ﴾ نَفسك وعملك ﴿لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾ مُسلما يَقُول أخْلص دينك وعملك لله واستقم على دين الْإِسْلَام ﴿فطْرَة الله﴾ دين الله ﴿الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا﴾ الَّتِي خلق النَّاس عَلَيْهَا فِي بطُون أمهاتهم وَيُقَال اتبع يَوْم الْمِيثَاق ﴿لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله﴾ لَا تَبْدِيل لدين الله ﴿ذَلِكَ﴾ هُوَ ﴿الدّين الْقيم﴾ الْحق الْمُسْتَقيم ﴿وَلَكِن أَكْثَرَ النَّاس﴾ أهل مَكَّة ﴿لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أَن دين الْحق هُوَ الْإِسْلَام
﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ كونُوا مُؤمنين أَي مُقْبِلين إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ ﴿واتقوه﴾ وأطيعوه فِيمَا أَمركُم ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلَاة﴾ أَتموا الصَّلَوَات الْخمس ﴿وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُشْركين﴾ مَعَ الْمُشْركين على دينهم
﴿مِنَ الَّذين فَرَّقُواْ دِينَهُمْ﴾ تركُوا دين الْإِسْلَام ﴿وَكَانُواْ شِيَعًا﴾ صَارُوا فرقا الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَسَائِر أهل الْملَل ﴿كُلُّ حِزْبٍ﴾ كل أهل دين ﴿بِمَا لَدَيْهِمْ﴾ بِمَا عِنْدهم من الدّين ﴿فَرِحُونَ﴾ معجبون يرَوْنَ أَنه حق
﴿وَإِذَا مَسَّ﴾ أصَاب ﴿النَّاس﴾ كفار مَكَّة ﴿ضُرٌّ﴾ شدَّة ﴿دَعَوْاْ رَبَّهُمْ﴾ بِرَفْع الشدَّة ﴿مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ مُقْبِلين بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ ﴿ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ﴾ أَصَابَهُم ﴿مِّنْهُ﴾ من الله ﴿رَحْمَةً﴾ نعْمَة ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ﴾ يَعْنِي الْكفَّار ﴿بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ يعدلُونَ بِهِ الْأَصْنَام
﴿لِيَكْفُرُواْ﴾ حَتَّى يكفروا ﴿بِمَآ آتَيْنَاهُمْ﴾ أعطيناهم من النِّعْمَة ﴿فَتَمَتَّعُواْ﴾ فعيشوا يَا أهل مَكَّة فِي الدُّنْيَا ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ مَاذَا يفعل بكم فِي الْآخِرَة
﴿أَمْ أَنزَلْنَا﴾ هَل أنزلنَا ﴿عَلَيْهِمْ﴾ على أهل مَكَّة ﴿سُلْطَانًا﴾ كتابا فِيهِ الْعذر والبرهان من السَّمَاء ﴿فَهُوَ يَتَكَلَّمُ﴾ يشْهد وينطق ﴿بِمَا كَانُواْ بِهِ﴾ بِاللَّه ﴿يُشْرِكُونَ﴾ يعدلُونَ أَن الله أَمرهم بذلك
﴿وَإِذا أذقنا النَّاس﴾ أصبْنَا كفار مَكَّة ﴿برحمة﴾ نعْمَة ﴿فَرِحُواْ بِهَا﴾ أَي أعجبوا بهَا غير شاكرين بهَا ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ شدَّة ضيق وقحط وَمرض ﴿بِمَا قَدَّمَتْ﴾ بِمَا عملت ﴿أَيْدِيهِمْ﴾ فِي الشّرك ﴿إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ ييأسون من رَحْمَة الله غير صابرين بهَا
﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ﴾ يخبروا فِي الْكتاب كفار مَكَّة ﴿أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق﴾ يُوسع المَال ﴿لِمَن يَشَآءُ﴾ على من يَشَاء وَهُوَ مكر مِنْهُ ﴿وَيقدر﴾ يقتر على من يَشَاء وَهُوَ نظر مِنْهُ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ فِيمَا ذكرت من الْبسط وَالتَّقْدِير ﴿لآيَاتٍ﴾ لعلامات وعبرًا ﴿لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ بِمُحَمد ﷺ وَالْقُرْآن
﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى﴾ فأعط يَا مُحَمَّد ذَا الْقُرْبَى فِي الرَّحِم ﴿حَقَّهُ﴾ صلته ﴿والمسكين﴾ أعْط الْمِسْكِين الْكسْوَة وَالطَّعَام ﴿وَابْن السَّبِيل﴾ أكْرم الضَّيْف النَّازِل بك ثَلَاثَة أَيَّام فَمَا فَوق ذَلِك فَهُوَ صَدَقَة مَعْرُوف ﴿ذَلِكَ الَّذِي﴾ ذكرت من الصِّلَة والعطية وَالْإِكْرَام ﴿خَيْرٌ﴾ ثَوَاب وكرامة فِي الْآخِرَة ﴿للَّذين يُرِيدُونَ وَجه الله﴾ بعطيتهم ﴿أُولَئِكَ هُمُ المفلحون﴾ الناجون من السخط وَالْعَذَاب
﴿وَمَآ آتَيْتُمْ﴾ أعطيتم ﴿مِّن رِّبًا﴾ من عَطِيَّة ﴿لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاس﴾ لتكثروا أَمْوَالكُم بأموال النَّاس يَقُول ليعطوا أَكثر وَأفضل مِمَّا تعطون ﴿فَلاَ يَرْبُو عِندَ الله﴾ فَلَا يكثر عِنْد الله بالتضعيف وَلَا يقبلهَا فَإِنَّهَا لَيست لله ﴿وَمَآ آتَيْتُمْ﴾ أعطيتم ﴿مِّن زَكَاةٍ﴾ من صَدَقَة إِلَى الْمَسَاكِين ﴿تُرِيدُونَ﴾ بذلك ﴿وَجْهَ الله فَأُولَئِك هُمُ المضعفون﴾ فَأُولَئِك هم الَّذين أَضْعَف صَدَقَاتهمْ فِي الْآخِرَة وَأَكْثَرت أَمْوَالهم فِي الدُّنْيَا بِالْحِفْظِ وَالْبركَة
﴿الله الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ نسمًا فِي بطُون أُمَّهَاتكُم ثمَّ أخرجكم وَفِيكُمْ الرّوح ﴿ثُمَّ رَزَقَكُمْ﴾ الطَّيِّبَات الرزق إِلَى الْمَوْت ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ عِنْد انْقِضَاء مدتكم ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ للبعث بعد الْمَوْت ﴿هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ﴾ من آلِهَتكُم يَا أهل مَكَّة ﴿مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَيْءٍ﴾ من يقدر أَن يفعل من ذَلِك شَيْئا

1 / 341