تنوير الغبش في فضل السودان والحبش

ابن الجوزي ت. 597 هجري
157

تنوير الغبش في فضل السودان والحبش

محقق

مرزوق علي إبراهيم

الناشر

دار الشريف

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩هـ - ١٩٩٨م

مكان النشر

الرياض / السعودية

وملأت الْقرْبَة ونهضت، فَنزلت أعدُّوا وَرَاءَهَا، وَقلت: يَا جَارِيَة، بِأبي أَنْت وَأمي، ردي الصَّوْت. قَالَت: مَا أشغلني عَنْك. قلت: بِمَاذَا؟ قَالَت: عَليّ خراج كل يَوْم دِرْهَمَانِ. فأعطيتها دِرْهَمَيْنِ، وَجَلَست حَتَّى أَخَذته، وانصرفت ولهوت يومي ذَلِك، فَأَصْبَحت وَمَا أذكر مِنْهُ حرفا وَاحِدًا، وَإِذا أَنا بِالسَّوْدَاءِ قد طلعت، فَفعلت كفعلها الأول، إِلَّا أَنَّهَا غنت غير ذَلِك الصَّوْت ونهضت وعدوت فِي أَثَرهَا، فَقلت: الصَّوْت قد ذهب عَليّ مِنْهُ نَغمَة. قَالَت: مثلك لَا تذْهب عَلَيْهِ نَغمَة، فَتبين بعضه بِبَعْض. وأبت أَن تعيده إِلَّا بِدِرْهَمَيْنِ، فأعطيتها ذَلِك، فأعادته، فَذَكرته، فَقلت: حَسبك، قَالَت: كَأَنَّك تكاثر فِيهِ بأَرْبعَة دَرَاهِم، كَأَنِّي وَالله بك قد أصبت بِهِ أَرْبَعَة آلَاف [دِينَار] . قَالَ ابْن جَامع: فَبينا أَنا أُغني الرشيد وَبَين يَدَيْهِ أكيسة، فِي كل كيسى ألف دِينَار، إِذْ قَالَ: من أطربني فَلهُ كيس، فغن لي صَوتا. فغنيته، فَرمى إِلَيّ بكيس، ثمَّ قَالَ: أعد. فأعدته، فَرَمَانِي بكيس، وَقَالَ: أعد. فأعدته، فَرَمَانِي بكيس، فتبسمت، فَقَالَ: مِم تضحك؟ قَالَت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، [إِن] لهَذَا الصَّوْت حَدِيث أعجب مِنْهُ، فَحَدَّثته الحَدِيث

1 / 184